اهلا



الأب الدكتور جورج خوري – أخصائي نفساني ولاهوتي
وزارة التربية والتعليم في البلاد (اسرائيل) من اوائل الوزارات في العالم التي تبنت وأدخلت الذكاء الاصطناعي AI الى المدارس. فقد أُهِّل ودُرِّب حوالي 110000 مُعلم ومُعلمة بمرافقة 400 شركة مختصة في هذا المجال.
على الرغم من وجود قدر هائل من الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في عالم المستهلك، وخاصة منذ إصدار برنامج ChatGPT المجاني من OpenAI في سنة 2022، إلا أن الاستجابة في قاعات وصفوف الأوساط الأكاديمية كانت أكثر حذرًا وعند استعمال الطلاب وسائل الذكاء الاصطناعي تكثر المخاوف لدى المسؤولين وخاصة الاساتذة، حول النزاهة الأكاديمية وهناك أيضًا مخاوف بشأن نوعية وكيفية المحتوى المطلوب الذي تم الحصول عليه بواسطة الذكاء الاصطناعي، فممكن ان يكون غير دقيق، وأحيانًا يحتوي على معلومات كاذبة تمامًا.
الباحث التربوي في جامعة هارفارد الامريكية هومان هاروني ، يحذرنا من صدمة استعمال الذكاء الاصطناعي كما حدث في بداية استعمال الهاتف الذكي والمحمول.
لقد عانى هاروني المُدرس السابق في المدارس الثانوية، لفترة طويلة من تأثير التكنولوجيا المتطورة على التعليم، بما في ذلك التجارب التي أجراها في صفوفه الدراسية، وهو الان مقتنع بأن "الوسيلة هي جزء من الرسالة" عندما يتعلق الأمر بالتدريس. هو يعتقد أن إشراك طلاب المدارس وأولئك في التعليم العالي في العالم الافتراضي أمر ضروري في ايامنا الحاضرة وفي المستقبل.
ويقول: "نريد أن نصل إلى مكان نستطيع ان نرقص مع الروبوتات". أي وسائل التكنولوجيا المتقدمة.
إذا كانت فكرة الرقص مع الروبوت تثير مخاوف المعلمين، فلدى هاروني بعض النصائح:
التوقف عن التظاهر بأنه غير موجود.
يقول هاروني إن المعلمين يجب أن "يساعدوا الجيل القادم على مواجهة واقع العالم وتطوير أدوات وطرق للتنقل في هذا الواقع بنزاهة". يدرك الطلاب جيدًا أن التقنيات مثل ChatGPT موجودة ويجرون تجارب عليها بالفعل بأنفسهم، لكنهم بحاجة إلى إرشادات حول كيفية استخدامها بمسؤولية وحِرص . ولا ينبغي لبرامج تعليم المعلمين والتطوير المهني أن تتجاهل الذكاء الاصطناعي أيضًا.
إسْتَخدِم الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع الطلاب.
تَفاعَل مع أدوات الذكاء الاصطناعي مع طلابك، عندما يكون ذلك ممكنًا. بخلاف ذلك، شارك الاستجابات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي للأسئلة أثناء وقت التدريس واطلب من الطلاب التفكير فيها أو إجْعل الطلاب يجربون التكنولوجيا في المنزل، وَوَثِّق تجاربهم، وشاركها مع باقي الطلاب خلال التدريس.
عَلِّم الطلاب كيفية طرح أسئلة أداة ChatGPT
يقول هاروني: "تتمثل مهمة المعلم في فهم الفرص المتاحة بجانب التكنولوجيا". مُضيفا:
عَلِّم الطلاب القيام بما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به. على سبيل المثال، على عكس الروبوتات، يمكننا أن نسأل أنفسنا أسئلة وهذا ما يحتاج الطلاب إلى التدريب عليه: معرفة كيفية طرح الأسئلة وتعلم كيفية انتقاد أسئلتهم وأطر العمل والإجابات التي يولدها الذكاء الاصطناعي، كما يقول.
يمكن للطلاب أن يبدأوا بالموضوعات والأسئلة التي يهتمون بها ويطلبون من ChatGPT الإجابات. تتمثل الحيلة بعد ذلك في جعلهم متحمسين لطرح أسئلة المتابعة.
فالمعلم المُبدِع يسأل ذاته والطالب ،" ما الذي تحاول حقًا أن تسأله؟ "ما الذي تريد معرفته حقًا؟" مِن
.”ChatGPT "
استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإثارة خيال الطالب.
أحد المخاوف المتكررة لدى المُدَرّس عند إستعمال الذكاء الاصطناعي هو أن الطلاب سيستخدمونه للغش وتجنب العمل الشاق المتمثل في التفكير بأنفسهم، لكن هاروني يقول إن أدوات مثل ChatGPT يجب أن تتحدى المعلمين والأساتذة حقًا لإعادة تقييم المهام التي يقدمونها لطلابهم.
يشرح هاروني قائلا: "على المُدَرّس أن يتوقف عن التفكير أن بإمكانه التدريس بالطريقة التي إعْتاد عليها رغم تَغَيُّر الوسيلة الأساسية في التدريس وإستعمال الحاسوب والذكاء الاصطناعي". إذا كان بإمكان الطلاب اللجوء إلى ChatGPT أو نماذج لغة الذكاء الاصطناعي الأخرى للحصول على إجابات سريعة وسهلة، دون بذل جهد فهناك مشكلة في الدرس لان الطالب إعتمد كليا على وسيلة الذكاء الاصطناعي وليس على تفعيل واستغلال قدراته المعرفية، كما يعتقد هاروني.
يَجِب على المُعَلّم ان يطلب من الطلاب " مهام تدفعهم إلى النقطة التي يتعين عليهم فيها التساؤل عن الإطار المستخدم هنا وماذا يعني بالنسبة لي أن أغير هذا الإطار جذريًا"، كما يقول.
كتب هاروني مؤخرًا عن كيفية استخدامه لبرنامج ChatGPT لتحفيز التفكير على مستوى أعلى بين طلابه عندما قَدَّمَ لهم دراسة حالة صعبة ليس بها حلول سهلة. لم تكن ردود أفعال الطلاب الأولية أفضل من أفكار برنامج الدردشة الآلي. وبدلاً من ذلك، "بعد أن عكس برنامج ChatGPT للطلاب فشلهم في التخيل، تمكنوا من البدء في التفكير في خيارات لم يكن من السهل عليهم أو على أي شخص آخر يستخدم لغة الكتابة الآلية الوصول إليها"، كما أوضح في مقال شارك في تأليفه في مجلة . Wired
نَستَنتِج من الخبرات وتطبيقات الذكاء الإصطناعي انه مِن الممكن أن تساعد الطلاب الذين لديهم صعوبات التَعَلُّم ) العُسر التَعَلُّمي ) وخاصة صعوبات النطق والكتابة والقراءة وغيرها، ويُعَزِز لدى الطالب ما يُسمى بالتَعَلُّم المستقل. أي استقلالية الطالب للقيام بمهامه الدراسية وتحضير واجباته البيتية الدراسية.
الخاتمة:
تتمتع وسائل الذكاء الاصطناعي بإمكانات كبيرة لإحداث ثورة في التعليم من خلال تبني الطالب وبشكل شخصي هذه الوسيلة الاصطناعية، بمسؤولية وإرشاد وتوجيه جدي ومتواصل من قِبَل المُدَرِّس المُدَرَّب و المُؤهل مهنيا، لتعزيز دعم الطالب، وتبسيط المهام الإدارية، وتحسين النتائج التعليمية ومشاركة الطلاب في نهاية المطاف، وتحقيق اهدافهم التعليمية وتقوية قدراتهم التحليلية Analytical ، التفكير النقدي Critical والحكم الموضوعي Judgment وتعزيز القدرات المعرفية Cognitive وغيرها من اهداف اخرى.