اهلا- دين وثقافة لماذا لا نصوم يومي الأربعاء و الجمعة في الأسبوع الذي يلي أحد الفريسي و العشار ؟
("أسبوع المُخَالِفين" في الكنيسة الأرثوذكسية)
في يومي الأربعاء والجمعة الواقعين في هذا الأسبوع، الممتدّ ما بين أحد الفريسي والعشّار، الذي به يبتدىء زمن التريوذي، والأحد الذي يليه (أحد الابن الشاطر)، تسمح الكنيسة الأرثوذكسية بتناول كافة الأطعمة، ما يعني أننا لا نصوم فيهما. ويُعرف هذا الأسبوع في التيبيكون الكنسي بإسم "أسبوع المُخالفين" ذلك لأننا فيه "نُخالف" القانون العموميّ بالصوم يوميّ الأربعاء والجمعة على مدار السنة، كما هو مُتَّبع في التقليد الأرثوذكسي. (راجع التيبيكون الكنسي صفحة 212).
وفي ذلك حكمة عميقة ورسالة بالغة الأهمية تريد الكنيسة أن توجّهها إلينا، وقد أصبحنا على عتبة الصوم الأربعيني الكبير المقدس، ألا وهي أن الصوم عن الطعام والشراب واللحوم والألبان في حدّ ذاته لا قيمة له، إذا كان صومنا يخلو من روح الاتّضاع وانسحاق القلب والتوبة الحقيقية... فقد إمتلأ الفريسيّ من روح الكبرياء والتشامخ، وإدانة الآخرين، وانتفخَ مُتبجِّحاً أمام الله بفضيلته وتقواه، مؤمناً ببرِّه الذاتيّ "إني أصومُ في الأسبوع مرّتين وأُعَشّرُ كل ما هو لي" (لوقا 12:18).
يُحذّرنا الآباءُ القدّيسون من هذه الروح الفريسيّة المريضة، لأنها تهدم كل الفضائل وتُسمّم حياتنا الروحية، وهي مؤشّرٌ خطير على وجود إنحراف وخَلَل في عبادتنا. كأنّما بالكنيسة تقول للفريسيّ ومن خلاله لكل واحدٍ منا، إن الاتّضاع وانسحاق القلب ومحبّة الآخرين هم عماد وركيزة الحياة الروحية السليمة، وأنه ينبغي أن نسير مسيرتنا الروحية وننقاد سالكين بهذه الروح الفُضلى التي إقتناها العشّار المُنسحق، لأنه بدون التواضع الحقيقي، باطلٌ هو صومنا وباطلةٌ هي صلواتنا وجهاداتنا النُسكيّة المُقبلين عليها في الأيام القريبة القادمة.
منقول
(بقلم: الأب رومانوس الكريتي)