اهلا موسم حصاد الشعير في أراضي قرية زرعين المهجرة ( قضاء جنين ) في مرج ابن عامر . ( 1935 ) .
موسم الحصاد هو موسم ربط الفلاح بأرضه . كان له طقوس وأغان ومآكل خاصة . طقوس جمعت العائلة الواحدة ، وقوّت أواصر العلاقة بينها . كما وحولت العلاقة بين الفلاح وأرضه إلى علاقة ذات معنى تحوي كل معاني التشبث بالأرض وتقديرها القدر الذي هي جديرة به . على الأقل كان الإنسان عندما يتحدث عن الأرض ومسقط الرأس والوطن كان يعرف أن لهذه الأرض عبق رائحة كان يستنشقها مع مداعبة حبات الندى على أول "شمال " من السنابل التي تكون " الغمر " وكل مجموعة من الغمور كانت تكوّن " كتّة " وكل مجموعة من "الكتت " كانت تنقل إلى البيدر وتكون " حلّة " . كان العمل في الحصاد يبدأ من " دغش " وهي تلك الدقائق القليلة التي تسبق الشروق . وتستمر حتى الضحى على أنغام المواويل والأغاني المثبتة للعزائم والهمم والواعدة بغد أفضل . بعدها يتناول الحصادون فطورهم الذي كان على الأغلب مكونا من أكلة " البحتة " وهي رز وحليب محليّان بالسكر . وبعدها يستريحون حتى سويعات ما بعد الظهر ليجددوا النشاط ويريحوا أنفسهم من عناء مغالبة " البرغش " الملازم للسنابل وقت هجير الظهيرة . وفي نهاية الموسم كان الحصادون يفوزون بأكلة " الجاروعة " وهي على الأغلب أكلة دسمة من لحوم الدواجن أو الخراف مصنعة بالطابون ومغموسة بفتيت خبزه . لتبدأ أعمال " شيل المحصول " على ظهور الجمال إلى البيادر وهناك كان يبدأ موسم الدراس الذي كان يستحوذ على شهري تموز وآب بكاملهما وفيهما كانت تقام معظم المناسبات والاحتفالات الجماهيرية على البيادر . وكم من قصص وروايات وحكايات ومناسبات نسجت خطوطها هناك وغابت في غياهب الذاكرة .