اهلا- احمد مروات

من ذاكرة تاريخ عائلات حيفا : عائلة خياط
عائلة خياط والمساهمة المعمارية في نهضة حيفا الاقتصادية والعمرانية .
منذ بداية القرن العشرين ايقن البريطانيون جيدا قيمة حيفا ،كميناء عميق وكقوة استراتيجية، فتركز الاهتمام في معظم الأحيان على تأمين الحاجات الاساسية للسكان الذين عانوا التمزق الاقتصادي والاجتماعي خلال الحرب العالمية الاولى وهولاتها وانعكاساتها على اهل المدينة .
فمع دخول الانتداب البريطاني تحولت المدينة الى مرفأ كبير على امتداد الساحل الابيض المتوسط تلاها تأسيس داوئر حكومية كبيرة ومرافق اقتصادية جذبت المستسمرين اليها من كل الجهات الأمر الذي وفر فرصا للعمل وخصوصا للقلة من السكان المحليين الذين كانوا يتكلمون الإنكليزية ، علاوة على ذلك اتخذت هيئة سكة الحديد الموحدة مقرها بحيفا ، وتوظف بها عمال من مصر ولبنان وسورية حتى اصبحت حيفا منبرا للعمل الميداني وثقلا اقتصاديا على مستوى محلي وعالمي !
دور عائلة خياط في نمو حيفا العمراني والمعماري منذ اوائل القرن العشرين .
عائلة خياط من الأسر العربية المسيحية القديمة بانتمائها لهذة البلاد فهي تنتمي للروم الكاثوليك وتعود اصول العائلة من مدينة عكا بحسب السجل الكنسي للقرن الثامن عشر حيث ارتحل مؤسس العائلة الى حاصبيا في لبنان قبل ٢٠٠ عام وسكن بها حتى عام ١٨٦٠ حيث اضطر ابنه حبيب ان يتركها بسبب مذابح الشام التي وقعت في تلك الفترة ذاهبا الى مدينة صور في الساحل اللبناني حيث عمل في مهنة الخياطه واسكافيا ورزق بعدة اطفال منهم عزيز الذي ولد عام ١٨٧٥ وهو مؤسس العائلة في مدينة حيفا . حيث عمل عزيز بمهنة والدة ومهن اخرى حتى سافر الى الولايات المتحدة عام ١٨٨٧ ليعمل بها حتى اصبح صاحب متجر شهير لبيع المقتنيات الاثرية في منهاتن في نيويورك .
تنقل من الولايات المتحدة الى جهات عديدة للتنقيب عن الآثار في مصر والبلاد العربيه ليصبح احد الاشخاص ذو الاهمية في هذا المجال .
ومنذ سنة ١٨٩٨ تزوج عزيز خياط ورجع الى فلسطين لمدينة حيفا ليؤسس العائلة مجددا ويعمل في مجالة في جمع المقتنيات الاثرية والاستثمار ثم يدخل قطاع البناء والمقاولات حيث قام بشراء قطع الاراضي من سكان حيفا وقام ببناء ابنية تجارية جعلت من حيفا شبيهه باوروبا من حيث النمط المعماري المتناسق حول ازقتها المتلاصقه والمتوزعه في عدة شوارع هامة بين شارع الملوك وطريق الميناء والبوابة الشرقيه وغيرها من المباني الحكومية التي تعهد ببنائها منذ العام ١٩٢٠ .
وقد أسس عزيز خياط مركزا حضاريا لحيفا من خلال ابنيتة التي جذبت المنطقة الى تطوير البنية التحتية التي تجسدت في بناء الميناء وخط انابيب البترول من شركة نفط العراق التي استكمل انشاؤهما سنة ١٩٣٩ .
لا شك ان عزيز خياط الرجل الفذ وصاحب الرؤيه في مجال الاستثمار اسس ارضية متينه في مجال الاعمار الى انة ترك بعد وفاته عام ١٩٤٣ ابنائه الذين اكملو هذه المسيرة التي بدأها والدهم بالرغم من المتاعب والاهواء السياسيه القاسيه التي المت باملاك العائلة الا ان افراد العائله استمروا في وضع رؤى فكريه لسيرورة العمل والمشاريع الانشائية التي اسندت الى الابن فكتور خياط الذي استمر بدورة بتوسيع دائرة اعمال العائلة بالرغم من دخولة السلم الاداري السياسي كعضو بلدية حيفا وقنصل عام لدولة اسبانيا ورئيسا للجمعية المسيحية في حيفا الا انه طور اعمال العائلة حتى وفاته عام ١٩٦٢ تاركا بصمات حازت على احترام الجميع ، حيث استلم من بعده نجلة سليم فكتور خياط ٢٠٢٠-١٩٣٠ الذي كان عميد العائلة ، رجل قوي صاحب فكر متنور استطاع ان يخوض معارك طويلة الامد لكي يحافظ على النسيج الاجتماعي والاقتصادي لمدينتة حيفا ولمشروع العائلة الذي استمر زهاء ١٠٠ عام من بناء الحجر والفكر والانتماء ..
وما زال ابناء العائلة من الاحفاد مستمرين في نفس النهج والفكر والعزيمة لمدينة يستحق العيش بها ..
منقولة من ارشيف الباحث احمد مروات