
















اهلا - الياس خوري هذا جزء من أقدم خارطة مضبوطة بشكل علمي، وجدتها لبلادنا في العهد العثماني. تمّ رسم هذه الخارطة ونشرها سنة 1879، وهي جزء من كرّاسة تضمّ 26 صفحة لعموم بلادنا، مرسومة حسب مقياس رسم يعطي لكل "إنْش" على الخارطة مسافة "ميل" إنجليزي واحد على الأرض.
كنت أريد أن أنشر الصورة الكاملة التي تضم صفحتين مضمومتين لجميع "بلاد بشارة" (وهو اسم منطقتنا في ذلك العهد). ولكن الحجم أربى على 200 ميغابايت، مما جعلني أكتفي بهذا الجزء الصغير الذي ترونه هنا، والذي يمثّل الحدود الشمالية الغربية للبلاد بين "رأس الناقوة" ومصبّ "وادي جعتون" من الغرب، ومن الشرق بين قرية "رميش" اللبنانية والوديان التي تتوسط المنطقة بين "حرفيش وبيت جن".
استوقفتني في هذه الخارطة بعض الأسماء القديمة مثل "نهر مفشوخ" الذي يشير الى مصبّ "وادي جعتون" في البحر (حيث "نهاريّا اليوم)، وتلك القناة التي حفرها أهل "الزيب" لجرّ المتبقّي من مياه "وادي القرن" الى بلدهم، وبعض المسمّيات لأماكن مهجورة أو خرب مندثرة لم أكن أعلم بوجودها في هذه المنطقة التي أحبها جداً.
استوقفني أكثر اسم "دير القاسي" على الخارطة. فهذه هي المرّة الثانية التي أعثر على هذا الاسم مكتوباً بشكل مغاير للمألوف. فالخارطة التي أمامك تدعو هذه القرية "الدير و القاسي" (وانتبه معي لواو العطف هذه!)، فهل كانت "دير القاسي" في ذلك العهد قريتين توحّدتا في السنين اللاحقة؟ (مطلع القرن العشرين مثلاً)، لا أعلم، ولكن هذه هي المرّة الثانية التي أجد فيها وثيقة تفصل بين الدير "و" القاسي بواو العطف. ونحن لو عرفنا بأن هذه البلدة كانت مؤلفة من "حارتين" شرقية وغربية، فهل نستطيع الافتراض أنها كانت في زمن غابر عبارة عن بلدتين منفصلتين متجاورتين، وبقيت حتى أواخر القرن التاسع عشر كذلك، قبل أن تجبرهما "الجغرافياً" على الوحدة؟ لا أعلم، ولكن تكرار هذا الاسم على هذه الشاكلة يدعو الى التساؤل من جديد، فهل كان هناك "دير" ما في زمن قديم مثلاً؟ ثم أن اسم "الموشاف اليهودي" الذي أقيم على أرض "دير القاسي" هو "الكوش"، وهذه التسمية ليست بعيدة جداً عن "القاسي"، بل قد تكون واحدة منهما تحويراً للأخرى اذا ما أخذنا بعين الاعتبار تحوّل السين الى شين والقاف الى كاف بين العبرية والعربية.
كل هذا يحثّني على البحث أكثر، ولسوف أفعل! ...
ملاحظة هامة: كي تستطيع أن تستفيد من الخارطة بشكل جيد، قم بتحميلها أولاً على جهازك، فمقياس الرسم الكبير يتيح لك قراءة كل أسماء الأماكن فيها.