
اهلا - بقلم الياس خوري
عن "أسماء أراضي فسوطه" قبل مسحها من ذاكرتنا ...
( موضوع خاص جداً بقريتي "فسوطه"، ولكنه يهتم أيضاً ، بشكل عام، بالحديث عن "الجغرافيا غير المكتوبة" وضرورة تدوين أسماء الأماكن قبل ضياعها أو مسحها، على اعتبار أنها جزء من تاريخنا وذاكرتنا)
------
لنزعم مثلاً بأنك ضللتَ طريقك في جبال الجليل في ليلة ليلاء قبل تسعين سنة من الآن، ثم رأيت ضوءاً خافتاً من بعيد فسرتَ نحوه مع أخريات الليل. ولكن الضوء اختفى عندما أصبح بمقدورك أن تفرق بين الخيط الأسود والخيط الأبيض، وحلّت مكانه بعض أطياف البيوت التي تتراءى بالكاد من بعيد.
ثم تعال كي نزعم أيضاً بأنك استبشرت خيراً بهذه البيوت التي سوف تُقيلك من عثارِك على الأرجح، إذ توهّمت بأن لها أصحاباً يستطيعون أن ينجدوك كي تتجنّب مثل هذه المتاهات الوعرية التي طوّفتَ بها في ليلتك الفائتة. لذلك، رُحتَ تحثّ الخطى كي تصل الى تلك البيوت الصغيرة المتناثرة غرباً على تلّين مرتفعين، متقاربين وشبه متوازيين. ولكّنك عندما وصلت الى مشارف هذه القرية الصغيرة النائية التي ما زلت لا تعرف لها اسماً، لم يكن الفجر قد انبلج بعد، وبدت لك البيوت من بعيد هادئة نائمة. ولكنك مع اقترابك منها من الشرق، وجدت بعض الحركة والجلبة، فسألت أولّ فلاح يمرّ بك وهو يركب حماره عن اسم القرية فقال: فسّوطه!
هب أنّ الاسم قد عنى لك شيئاً ما، وتذكّرت بأن "دير القاسي" يجب أن تكون قريبة وأنّ فيها بعض أصدقاءك، فسألتَ الفلّاح الذي أخرج كيس تبغه من جيبه وراح "يلّف سيجارة عربية": وكيف أستطيع أن أصل الى "دير القاسي"؟
هنا قد يأخذ الفلّاح "مجّة" طويلة من لفافته ويقول: إسمع، إنت هون "بالبيّاض"، ليك الأرض كيف لونها أبيض! إذا ولّعت سيجارة ومشيت للقِبِل (للجنوب)، بتطفيها "بالميدان". لما بتوصّل عالميدان وبتتطلّع للغرب، بتلاقي على ايدك الشمال تلّة عالية، خوذ دربك طلوع وشرّق شوي، لما بتوصل على راس التلة ... طلّع قبالك بتلاقي "دير القاسي". يعني قبل "الضّحوية" بتكون وصلت!
هب الآن أنك استوعبت ما قاله الفلّاح "الفسوطاوي"، ولكنك وجدت أن وصولك إلى "معليا" أجدى لك. هنا قد يقول لك هذا الفلّاح نفسه: اذا بدّك تروح على "معليا" بدّك نص نهار تا توصل! يمكن أحسن إشي تفوت عالبلد (فسّوطة) وتنزل مغرّب على "باب الوعرة"، هيك على إيدك اليمين بتكون "خلّة الطاقة" وبعد تدخينة سيجارة بتلاقي حالك "بططرامي"، هناك بتلاقي "بركة" صغيرة، خوذ يمين البركة وخلّيك ماشي دوس دغري بتنفّد على "راس لتّوخ " وبتكمّل نزول تا توصل "الصحرا"!. هنا قد تقاطع "الفلاح" الذي أدخلك في متاهات لأسماء أمكنة تجهلها، ولا تعرف خارطة تشير إليها، فتقول له: بس منشان الله يا عمّي! مبيّن الطريق بعيدة ومعقّده! وهنا، قد ينصحك الفلّاح بأن تدخل البلدة وتسأل عن بيت المختار أو أحد الوجهاء كي يستطيع مساعدتك في الاستدلال على طريقك!
سوف أتركك الآن وقد وصلتَ الى "ساحة كنيسة فسوطة"، واتجهتَ نحو بضعة أشخاص متحلقين فيها كي تسأل عن طريقك. فأنا كلّي يقين بأنهم سوف يساعدونك حتى تبلغ وجهتك. أما إن عدت الى التيه من جديد فلا شأن لي بك (يعني من الآخر ... ريتك تسيب، شو أنا مخلّفك وناسيك؟!)، فأنا، "بالعربي الفصيح"، قد استعملت ما جرى لك كي أبلغ موضوعي ليس إلا!
أما موضوعي فهو "أسماء الأمكنة" هذه التي استعملها الفلاح "الفسوطاوي" كي يصف الطريق لأحد أبناء السبيل الذين ضلّوا وجهتهم في أحد أيام سنة 1931. موضوعي هذا، ومعه الخارطة التي تجدها في الصورة المرفقة بهذه الكلمات، هو التذكير "بهذه الأسماء" وأهميّتها في عصر "شطب الأسماء العربية" من الخارطة. هذه الأسماء مهمّة لأنها "جزء من تاريخنا ومن ذاكرتنا" ومن حيوات آبائنا وأجدادنا على هذه الأرض، واندثارها أو تهويدها كما يحدث كل يوم هو ضياع شيء من ذلك التاريخ وشطب لبعض معالم الذاكرة و"الهويّة" وتواصل أجدادنا مع أرضهم. ولقد كنت قد فرحت جداً بكتاب الأساتذة "رفيق نجار وشكري عرّاف" عن "فسوطه" وإيرادهم هذه الأسماء في كتابهم المنشور، ولكنّي اندهشت كثيراً عندما رأيت بأن هذه الأسماء بقيت "جدولاً لأماكن مجهولة" في ثنايا الكتاب المذكور، فالأستاذان اللذان أدرجا هذه الأسماء في "عشر صفحات كاملة (من صفحة 92 الى 102) لم يعتنيا برسم خارطة للبلدة يضعان فيها هذه الأسماء في أماكنها الصحيحة عليها. لذلك فإن أجيالنا الجديدة التي لم تتعايش مع هذه الأسماء لا تستطيع أن تقول لك أين يقع "وادي سواده" وكم من المسافة يبعد عن "مرج هلال". وهل "المريجات" هي بمحاذاة "خلّة أزامل" أم أنها قريبة من "عقّارة" و"العريض الشمالي".
قد تقول لي بأن هذه كلها "تفاصيل" ليست مهمّة، كان أجدادنا بحاجة لها كي يستطيعوا التعايش مع محيطهم وبيئتهم في عصر كانوا فيه يحتاجون مثل هذه الأسماء، أما نحن فلا حاجة لنا الى مثل هذا كله. وقد أجيبك بأن هذه الأسماء جزء من "تاريخنا وذاكرتنا"، وهذان لا يقيّدهما تاريخك أنت أو زمنك أنت أو حاجتك أنت ... إنها كما يقول الرائع "أمل دنقل": "أشياء لا تُشترى"، وإذا لم تدرك بعد قيمة التاريخ والذاكرة فهل تستطيع أن تنسى بأنك في دولة استند مؤسسوها في قيامها إلى أن جدّهم الرابع والثمانين كان قد عاش على أرض أبيك وجدّك؟
من خلال "بحبشتي" في "الإرشيف الإسرائيلي" على إنترنت، عثرت على هذه الصورة المرفقة لخارطة لأراضي "فسّوطة" بأسمائها التي اشتهرت بها عند أهلها في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين. فالخارطة تقسم "أراضي فسوطه" وما حولها الى "مناطق" مرقّمة باللاتينية والعربية (أرقام محاطة بالأحمر)، ثم تدرج في طرف الصورة الأيسر، جدولاً بأسماء هذه "الأراضي" و"المناطق" التي تقع فيها. هذا الجدول، بالإضافة الى أسماء الأماكن على الخارطة، ليس واضحاً جداً. لذلك قمت بنقل الأسماء الواردة (تبييضها) في آخر هذا "البوست"، مع اعترافي بأن هناك اكثر من نصف الأسماء التي لا أعرفها والخطأ في كتابتها وارد جداً. لذلك، فإن هذا الجدول بحاجة الى "تدقيق وتحقيق" بعد، من خلال عرضه على بعض "الختيارية" أو العارفين من أبناء فسوطه الذين يعرفون أين تقع هذه الأماكن بالضبط.
بقي تمنّ صغير أريد أن أتمنّاه على "مجلس فسوطه المحلّي": ليت المجلس، بوازع المحافظة على ذاكرة القرية وتاريخها، يقوم بتكليف بعض المختصين، كي يعيدوا رسم هذه الخارطة (ولو بشكل تقريبي) ووضع الأسماء عليها من جديد، فنحن في عصر صارت فيه "وادي القرن – ناحل أخزيف" و"أم طمرون – عين تمير" و"وادي عزايم – ناحل بيرانيت" و"الحبل عالجرّار"!
فيما يلي إذاً، لائحة "أسماء الأراضي" الواردة في الخارطة المرفقة وبجانبها "رقم المنطقة" التي تجدها فيها على الخارطة.
الموقع على الخارطة اسم المكان
I مسطّح بناء قرية فسّوطه
I مرج فسوطه
I الكروم
II خلّة قزامل (أزامل)
II النقّارة
II خلّة النجاصة
II مرج عكبره (عقبره)
II أرض السيح
II عامود الزيتون
II حوّاره
II شاغور عكبره
II عقّاره
II خلّة الطاقة
II البرج
II خلّة زرنيخ
II خلّة عَلوِه
II المّلوله
II كْسار الحيساوي
II وعْر المَناقِل
II خلّة الزويّة
II المَنَش
II شْقيف الشّوحَه
II تترامي (ططرامي)
II العنقور
II الغمّونه
II عريض الخرّوب
II خلّة فانس
II الكروم
II خِربِة الخضره
II الرّويسه
II خلّة سْويد
II خلّة اللوزة
III العريض الشمالي
III جلّ (تلّ)عوّاد
III عريض جوَر النّبعَة
III قبر الحَبَش
III دار السنديانة
III خور سلّوم
III الوَسَيْطة
III إِبِريا (إيبيريا)
III الغارَة
III الِمْريجات
III الصّوره
III أبو راضي
III أبو زَنطار
III كْسار أبو حمدان
III خلّة المغارة
III الحسْمير
III كرم علي حمزه
III حلّان ساره
III الشقيف
III الغزْر (النّزر)
III المُزحلَق
III كرّم الأصفر
III المقطوع
III خلّة الدّير
III العَقَبات
III قْلَيْعِة موسى
III كْسار عاصي
III نَصيبَه
III بوّاب الهوا
III قبر النُّصراني
III الصّرّارَه (المُصراره؟!)
III إيَّل
III خلّة أبو خَلْدِه
III خلّة زُبَيده
III الطّبراني
III المسيِّه (الهسيِّه؟)
III الرّوَيس
III جْبيلات
IV الظّهر
IV أبو هليون
IV جَحْشان
IV البيّاض الشرقي
IV الميدان
IV الرّصيف
IV مَرْج العين
IV حَمَمير (؟) العين
IV كسار الشّوشه
IV حريقة الحجَر
IV أرض جُميليه (جْميليا؟)
IV الشُّعْفِه
IV باط الرّويس
IV الجَلَمه
IV مرج هلال
IV عريض العين
IV خلّ’ العين
IV خلّة الشّنديب
IV المراح الشرقي
IV جبل سيراج (سِراج)
IV كْسار عْديسِه
IV الحِما
IV جبل الأجرَد
IV دَبْش السِّرْب
IV مَنزَلِة كَنعان
IV ظهرِة مغارِة عقبره (عكبره)
IV الكَسايِر
IV القَعْدات
IV وعْر الأصفر
IV عريض وادي سوادَه
IV أرض أبو بابين
IV وعر البَلاطَه
IV رويسِة النّمرِه
IV خلّة البركِة
V مسطح قرية المنصورة
VI مسطح قرية دير القاسي
VII السّكايِر
VIII عريض بَرْزَه (برزا)
VIII جبل عالي (غالي)
VIII أبو السويرات (السريرات)
VIII عريض الِمريجات
IX
X الهنبران (المنبران)
X أرض البركة
X عنقور المعاصر
X وادي الجمل
X القرْض
X حريق الخطيب
XI خلّة المطحنة