















اهلا كُن إنسانًا… فالقلب لا يزهر الا بالعطاء
الإنسانية ليست بصفة تُنسب إلى هوية أو مظهر، بل هي روحٌ تُمارَس. هي تلك اللحظة التي تختار فيها أن تكون أرقى، أن تُمسك نفسك عن الإساءة، وأن تُقدّم للآخرين ما تحب أن يُقدَّم لك. فالجوهر الحقيقي للإنسان يُقرأ من خلال أفعاله؛ من كلمة طيبة، من تصرف بأدبٍ في موقف تتخذه، ومن قلبٍ يعرف كيف يرحم قبل أن يحكم.
كن إنسانا في تعاملك مع الآخرين؛ لأنه هو الامتحان الأول للإنسانية. فالاحترام ليس واجبًا اجتماعيًا فحسب، بل هو قيمة تُبنى عليها الثقة بين البشر. يكفي أن تلقي ابتسامة في وجه من حولك، أو أن تعطيهم مساحة ليشعروا بالأمان، حتى تصبح منارة خير في محيطك.
كن إنسانا في تصرفك مع جارك، الإنسانية تتجلّى بأجمل صورها في حسن الجوار؛ في يد تُعين، وفي قلبٍ يستمع، وفي علاقة تحفظ كرامة الجميع. في العطاء الذي لا يُقاس بالمال، بل بالوقت، بالدعم، وبالقدرة على وجودك مع من يحتاجك في اللحظة الصعبة.
كن إنسانا بحبك لبلدك وأبناء بلدك؛ أن تحافظ عليه بأخلاقك قبل أن تحافظ عليه بكلماتك، وأن تكون لبنة في بناء مجتمعك ورسالته. ويكبر هذا الحب حين تنعكس إنسانيتك على مجتمعك من خلال المبادرة، المشاركة، والتغيير الإيجابي.
كن إنسانا... في زمنٍ صار فيه العنف ضيفًا ثقيلًا على كثير من البيوت، وصارت الأخبار تحمل وجعًا لا يُحتمل—أطفال بلا آباء، نساء فقدن أمانهن، وشباب خسروا أحباءهم دون ذنب—نجد أنفسنا أمام مرآة قاسية تُذكّرنا أن الإنسانية باتت تحتاج منّا إلى إنعاش. لقد آن الأوان أن نعود إلى بعضنا، أن نمدّ أيدينا قبل أن نمدّ أحكامنا، وأن نحارب القسوة التي تتسلل إلى القلوب قبل الشوارع.
فكُن إنسانًا… لأن العالم لم يعد يحتمل المزيد من الجراح، ولأن الناس بحاجة إلى بصيص رحمة يُعيد لهم الثقة بالحياة.
وفي النهاية، يبقى الخير هو العلامة الفارقة التي ترفع الإنسان. فعمل بسيط قد يعيد الأمل، وكلمة صادقة قد تداوي قلبًا، ولحظة عفو قد تُنقذ روحًا.
وكما قال الإمام الشافعي، مُلخّصًا جوهر السمو الإنساني:
إذا شئت أن تحيا سليمًا من الأذى
وحظّك موفورٌ وعِرضك صينُ
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسنُ
وعينك إن أبدت إليك معايبًا
فصُنها وقل يا عين للناس أعينُ
وسامح من اعتدى وافارق
ولكن بالتي هي أحسنُ
كن إنسانًا… فبذلك وحده تُصبح الحياة أجمل.