X أغلق
X أغلق
الطقس
° - °
ترشيحا
° - °
معليا
° - °
بئر السبع
° - °
رام الله
° - °
عكا
° - °
يافا
° - °
القدس
° - °
حيفا
° - °
الناصرة
اسعار العملات
دولار امريكي
3.445
جنيه استرليني
4.1949
ين ياباني 100
2.5079
اليورو
3.6240
دولار استرالي
2.3021
دولار كندي
2.5184
كرون دينيماركي
0.4872
كرون نرويجي
0.3437
راوند افريقي
0.1994
كرون سويدي
0.3316
فرنك سويسري
3.6639
دينار اردني
4.8531
ليرة لبناني 10
0.0228
جنيه مصري
0.1398
اعلانات يد ثانية
تصفح مجلدات وكتب
الاستفتاء
مواقع صديقة

رثاء رجل عاديّ جدًّا

admin - 2025-12-02 17:10:34
facebook_link

اهلا

رثاء رجل عاديّ جدًّا

قد يستغرب البعض من الّذين يعرفون المرحوم هذا الرّثاء غير العاديّ فهو لم يكن فنّانًا أو أديبًا أو شاعرًا ترك إرثًا ثقافيًّا بعد رحيله، ولم يكن سياسيًّا أو قائدًا حزبيًّا يقود المظاهرات ويدعو النّاس بمكبرّ الصّوت الى المسيرات أو الاجتماعات ضدّ حكومة اليمين الفاشيّة، ولم يكن مختارًا أو وجيهًا من وجهاء القرية أو عضوًا في مجلسها المحليّ ولكنّ أهل القرية، شيوخًا وشبانًّا وشابات ورجالًا ونساءً يعرفونه أكثر ممّا يعرفون أعضاء المجلس المحليّ. هو رجلٌ عاديّ، واحد منهم، فطوره لا يتعدّى كسرة من خبز الطّابون وصحنًا من الزّيت والزّعتر، وطعامه المفضّل المجدرّة والعلت والخبيزة والعدس والفول، وأمّا الكبّة النّيّئة والمسّخن والأرّز المفلفل فللمناسبات، وعلى ذمتّه، وقد سمعتها من فيه مرّات عديدة، أنّ أعرابيًّا زار القرية لحاجة ما في يوم جنازة أحد رجالها ولبّى الدّعوة الى تناول الطّعام مع اهل الفقيد فلّما أكل الأعرابيّ وشبع حمد الله وشكره وقال: الموت يليق لأهل هذه القرية لأنّهم يطبخون الأرزّ.
لم يملك صاحبنا كرومًا أو حقولًا بل كان يملك محراثًا عصريًّا. يقول له أحد النّاس: يا حاجّ أحرث لنا كرم الزّيتون أو الحاكورة أو مارس مراح الغِزلان فيلّبي الطلب بإتقان ويأتي حالًا الى صاحب الكرم أو الحاكورة أو المارس ويُفَرمل بتراكتوره أمام باب بيته وعندما يخرج يقول له وهو يضحك: يدّك على جزدانك (محفظتك) إتمخّط بمائة شاقل. ومصطلح "إتمخّط" ماركة مسجلّه له.
لم يدرس في مدرسة زراعيّة ولم يسمع باسم (خضوريّ) المدرسة الزراعيّة في طولكرم أو مدرسة (كدوري) في أراضي عشيرة الصّبيح الّا أنّه خبير زراعيّ يرّكب أشجار الزّيتون والحمضيّات واللّوزيّات برقع يحتفظ بها في صندوق جرّاره الزراعيّ: "دير بالك، اسقِ الشّجرة بدلو ماء وبعد سبعة أيّام فكّ الرقعة بلطافة".
كان رجلًا ذا قلبٍ طيّب، يمازح الجميع وكلمته على رأس لسانه يقولها ولا يزعل أحد منه مثلًا: يقول هذه العائلة رأسها يابس مثل حجر الصّوان ويعضّون الجمل أو البغل أو الحمار كي يُسرع عندما يمتطونه. ويُشير إلى أحد وجهاء العائلة، وهو رجل محترم ذو هيبة ويتمتّع بسمعة طيّبة في القرية. فيضحك الرّجل ويضحك الحاضرون.
كان المرحوم ذا قاموس لغويّ خاصّ به فبالإضافة الى كلمة "يتمخّط" كان إذا هجا رجلًا من رجال القرية يقول: هذا إجر "رجل" كرسيّ أو هذا خشبة مقصوصة، وهؤلاء الجماعة مثل أباريق الجامع أو مثل طقم فناجين مشتّم، وإذا رأى رجلًا يطلب سيجارة من الآخر يقول له "كنّو باكيتك الدّخان مرشّح"، وكلمة كنّو هي كأنّه وباكيت الدّخان علبة السّجائر، وأمّا إذا أخذ منه رجل فاكهة أو خضارًا قال: غفّ عليّ زيّ الشّنار. وإذا وصف شيئًا بأنّه قديم أو من أيّام زمان قال عنه هذا من زمن امنة الطه. ولا أحد منّا يعرف من هي هذه المرأة فما أكثر الآمنات الطاهويّات في بلدتنا.
ولم تكن له علاقة مع البنك فقد كان يحتفظ بنقوده في جيبه.
افتقده كثيرون من أهل قريتنا ومن القرى المجاورة وتأسّفوا على فراقه وبدأوا يردّدون نوادره في مجالسهم ويثنون على طيبة قلبه وخفّة ظلّه وحبّه لأحفاده.
خسره المصلّون في مسجد بلال بن رباح حيث كان يصلّي صلاة الجمعة ويسلّط لسانه أحيانًا بلغته الخاصّة على فلّان أو علّان فيضحكون ملء صدورهم، وأمّا أنا فسوف أذكره كلّما قطفتُ ثمرة ليمون من ليمونة حاكورتي الّتي ركبّها قبل سنتين وزارها مرّتين ليطمئنّ عليها.



مواضيع متعلقة
اضف تعقيب

اسم المعلق : *
البلد :
البريد الالكتروني :
عنوان التعليق : *
التعليق الكامل :
تعقيبات الزوار
مواقع اخبار عبرية
مواقع اخبارية عربية
مواقع اقتصادية
مواقع رياضة
بنوك
راديو