
















اهلا-د، سهيل دياب
بعد تراجع الخيارات على الجبهات الأخرى باتت الضفة الغربية الورقة الأخيرة لنتنياهو لاستثمارها سياسيًا خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية..!
الضفة الغربية تمثل اليوم الساحة الأكثر حساسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنها باتت الورقة الأخيرة في يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستثمارها سياسيًا في المرحلة المقبلة، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية وتراجع خيارات تل أبيب على الجبهات الأخرى.
ومن المهم التوضيح، أن التصعيد في الضفة الغربية بعد الهدنة في قطاع غزة ليس حدثًا عابرًا، بل يأتي في سياق استراتيجي جديد، فبعد انسداد الأفق في الملفين اللبناني والسوري، تقلّصت أمام إسرائيل الجبهات المفتوحة، لتبقى الضفة الغربية الساحة الوحيدة التي تستطيع التحكم بمجرياتها دون ضغوط دولية أو إقليمية كبيرة. طسعى بها نتنياهو لاستثمار هذا الواقع في حملته الانتخابية المقبلة للحفاظ على قاعدة اليمين المتطرف وضمان بقاء ائتلافه الحاكم، من خلال تصعيد ميداني يرضي هذا التيار.
وعلينا الانتباه بأن التحول الأخطر في المرحلة الحالية هو انتقال الدور في الضفة الغربية من هيمنة جيش الاحتلال إلى شراكة ميدانية فعلية بينه وبين المستوطنين، خصوصًا ما يُعرف بـ"فتيان التلال"، الذين أصبحوا طرفًا فاعلاً وشريكا مؤثرًا لجيش الاحتلال في صناعة القرار الميداني.
أن هذا التقاسم الوظيفي بين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين يعكس التحولات العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الفاشي، الذي يرى في الاستيطان وسيلة لترسيخ السيطرة على الأرض الفلسطينية وفرض واقع جديد يمنع أي تسوية سياسية مستقبلية.لذا فأن الضفة الغربية ستكون العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة بعد الهدنة في غزة، حيث سيتبلور فيها الصدام الكبير بين ما تبقى من المشروع اليميني الفاشي في إسرائيل، وبين نضال الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال وحق تقرير المصير.
أما السيناريوهات المحتملة، فتشير إلى وجود اتجاهين متناقضين: الأول هو السيناريو الإسرائيلي الذي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية عبر تفكيك البنية السياسية الفلسطينية، بما في ذلك السلطة، وإبقاء السيطرة الأمنية على الضفة وغزة دون التوجه إلى أي حل سياسي.
أما السيناريو الثاني ، يتضمن الانتقال إلى إدارة مدنية فلسطينية في قطاع غزة، وربطها بالضفة الغربية بمشاركة السلطة الفلسطينية، إلى جانب وجود قوات عربية ودولية لحفظ الأمن وإعادة الإعمار، تمهيدًا لمرحلة تسوية سياسية شاملة.
وتجدر الاشارة الى أن التطورات الإقليمية القادمة، خصوصًا زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، واجتماع وزراء الخارجية العرب والإسلام في إسطنبول، ستكون مفصلية في رسم ملامح الشرق الأوسط المقبل، وربما تفتح الباب أمام تحولات استراتيجية تطال مجمل الملفات الفلسطينية والعربية.