اهلا نهاية الحرب تتم بتحقيق السلم والعدل
الجمعة, 17 تشرين أول/أكتوبر, 2025
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في زيارته إلى إسرائيل، أن “الحرب انتهت” وأن “إسرائيل انتصرت” يخبّئ ما يخطَّط للدور الأميركي "الجديد-القديم" في المنطقة: تكريس نتائج حرب الإبادة دون تحميل حكومة نتنياهو المسؤولية عن أهوالها وتوزيع الغنائم السياسية والاقتصادية بمنطق الربح وليس العدل، تحت عنوان “الاستقرار”.
لقد شدّد عدد من التحليلات أن ترامب يمارس مناورته المعهودة: فرض “حل” من فوق، يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب، ويُلبس العدوان ثوب “الانتصار”. وهكذا تتحول غزة، التي دفعت الثمن الأفظع من الأرواح والدمار، إلى ساحة لتجارب جديدة في “الترتيبات الأمنية”، وقوة دولية يجري التفاوض على تشكيلها بواجهة عربية وتمويل غربي.
خلف هذا، تبقى الحقيقة الساطعة أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال قائمًا، والعدوان لم ينتهِ فعلاً. فالمشاريع المطروحة — من إرسال قوات “استقرار” إلى رسم حدود الإعمار بموافقة إسرائيلية أميركية — لا تنفصل عن منطق السيطرة ذاتها الذي حوّل القطاع إلى واحد من أكبر مسارح الجريمة الجماعية الحديثة. إن حديث واشنطن عن “عدم تمويل الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها حماس”، ليس سوى تكرار لسياسة العقاب الجماعي التي يدفع ثمنها بنات وأبناء الشعب الفلسطيني.
إن غزة، التي تُقدّر الأمم المتحدة كلفة إعمارها بنحو سبعين مليار دولار، تواجه واقعًا إنسانيًا فادحًا لا يمكن تجاوزه بخطط “استقرار” فوقية. فإعادة الإعمار لا يمكن أن تنجح ما لم تُرفع يد الاحتلال ويُعترف بحق الشعب الفلسطيني في السيادة والحرية، لا في “إدارة مدنية” جديدة تُعيد إنتاج السيطرة تحت مسميات دولية.
"نهاية الحرب” لن تتحقق ولن تصبح واقعًا حقيقيًا ما لم تتوفر إرادة فلسطينية جامعة وعربية ودولية تضع حدًا لمنطق القوة والحرب، وتعيد تعريف الاستقرار على أساس العدالة والحقوق المشروعة. وأول المطالَبين باعتماد سلوك سياسي مسؤول يرتقي إلى حجم الكارثة هم "أصحاب الشأن الأوائل"، ونقصد جميع القوى السياسية الفلسطينية التي يجب أن تجتمع تحت سقف وهدف وطني واحد.