اهلا بانفجار السابع من أكتوبر الذي اعتبرته معظم مؤسسات وشعوب العالم، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة أنه ليس معزولاً عن عقود طويلة من المجازر والقهر والتنكر لمجرد وجود الشعب الفلسطيني منذ نكبة 1948، كان أيضاً من الطبيعي أن تتباين الآراء حول مدى جدوى هذا الانفجار، سيما لجهة ما ترتب عليه من جرائم إبادة إسرائيلية مستمرة حتى اليوم. ولكن من غير الطبيعي أن يصل هذا التباين إلى درجة تحميل الضحية مسؤولية هذه الجرائم، أو أن تخرج علينا بعض الأصوات التي تدعو فعلياً للاستسلام كون ذلك الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب، لإعفاء مثل هذه الأصوات ومن يمثلها من مسؤولية التقصير ازاء دورها في حشد جدي للجهد العربي والدولي لإلزام حكومة الاحتلال بوقف حربها، وما يستدعيه ذلك من معالجة وطنية جادة لأسباب الوهن الذاتي الذي تستثمره اسرائيل للمضي بمخططاتها. على العكس من ذلك، وبذريعة المتغيرات الإقليمية، الناجمة أساساً عن هشاشة الوضع العربي ذاته، سيما طغيان الفردية في أنظمة الحكم، اندفع الاتجاه المهيمن على القرار الوطني نحو مزيد من الانفراد في معالجة ما نشأ عن حالة الفشل. والسؤال الذي يطرح نفسه هو : إذا كانت بعض "المظاهر الاستعراضية المسلحة" يمكن أن تشكل خطراً على السلم الأهلي، أفليس اللجوء للقوة المسلحة كوسيلة وحيدة لمعالجتها، قد يشكل انزلاقاً إلى ما هو أخطر بما لا يقاس معها؟!