
















اهلا- زياد عيتاني-بيروت ليس أمراً عابراً أن يعلن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في حوار “متلفز” عن تلقي لبنان رسالة عبر وسطاء مفادها أن اسرائيل غير مهتمّة بوقف إطلاق النار في لبنان حتى بعد التوصل إلى وقف للنار في غزة، على الرغم من أنها باتت تحتاج إلى “معجزة” للتوصل إليه، بعدما وسع بنيامين نتنياهو إعتداءاته من خلال فتح حرب ولو جزئياً على الضفة الغربية، يخشى معها أن يتوسع في إندفاعته العسكرية عبر رفع منسوب التصعيد على جبهة جنوب لبنان، من دون بلوغ الحرب الشاملة، بهدف الضغط من خلال اعتماد حوار “الجبهات”، على ادارة الرئيس جو بايدن لانتزاع تسوية للجبهة اللبنانية، قبل أن تنصرف الى الانتخابات الرئاسية.
هذا المسار الميداني لجبهة الجنوب، بات يؤكد أن إسرائيل قررت فصله عن حرب الابادة على غزة، التي ألزم “حزب الله” نفسه فيها، عندما أشعلها في الثامن من “أكتوبر” من جانب واحد تحت عنوان “المشاغلة”، ما يعني أن وقفها لن يكون بقرار من الحزب، مع اصرار اسرائيل على أن يرتكز أي وقف لاطلاق النار على القرار 1701 بكل مضامينه، مقروناً بترتيبات أمنية. فعلى الصعيد الميداني، ترتسم فصول من تصعيد كبير بدأته اسرائيل التي تستمرّ في الاستعاضة عن الحرب الشاملة بارتقاءٍ في هجماتها الواسعة، في مقابل رفع “حزب الله” بدوره من وتيرته هجماته، فبات المشهد وكأنه “إعصار نار” متبادل، بحيث تبدو جبهة الجنوب التي دخلت شهرها الـ 12، تقترب من “خطوط التوتر العالي”، ويخشى معها إنحدار الأمور الى ما هو أسوأ، تحقيقاً لرغبة نتنياهو في ابرام تسوية أمنية تعيد المستوطنين الى مستعمراتهم، بمعزل عن أفق غزة المسدود. وهذا ما أكده بقوله: “أصدرت تعليمات للجيش بتغيير الوضع الحالي في الشمال، ونحن ملزمون بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم”.
جاء ذلك بالتوازي مع إعلان مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى في حديث لـ “القناة 12” أن “الحملةَ العسكريةَ في لبنان تقترب على الرغم من أن توقيتها لم يحدد بعد، وأن الأوضاع بين حزب الله وإسرائيل تقترب من نقطة الانفجار”، مشيراً الى أن “الحرب في لبنان على الأبواب وإسرائيل أمام سيناريو التوصل إلى اتفاق أو انهيار المفاوضات وحرب ضدّ حزب الله، والجيش الاسرائيلي في المراحل النهائية لاستكمال الاستعدادات للمعركة المحتملة في لبنان وجاهِز لأي سيناريو”. أما رئيس الأركان هيرتسي هاليفي فأعلن خلال جولة تفقدية في الجولان أن “قواته تستعدّ لاتخاذ خطوات هجومية داخل لبنان، وتسعى الى تخفيف التهديدات التي يتعرّض لها سكان المنطقة الشمالية وهضبة الجولان، وذلك تزامناً مع الاستعداد للهجوم في مرحلة لاحقة”، (من دون أن يذكر تفاصيل إضافية).
وتكشف مصادر رسمية لبنانية أنها تلقت تقارير ديبلوماسية، تتحدث عن نقاش داخل اسرائيل حول ما أطلقت عليها “حتمية” العملية العسكرية، لكسر “حلقة النار المغلقة”، التي فرضها “حزب الله”، وجعل من الجبهة بينه وبين اسرائيل جبهة مراوحة غير مجدية، ما يتطلب واقعاً جديداً، إذ يفترض أن تتضح في الأيام القليلة المقبلة هل المناخات الحربية الاسرائيلية المستجدة هي في إطار رفع منسوب الحرب النفسية، أم مقدّمة لعمل حقيقي؟
لا يستبعد المراقبون أن التصعيد الاسرائيلي الاعلامي والعسكري على صعيد الجنوب، يندرج في إطار المساومة بعد بدء الاعتداءات على الضفة، وإنسداد أفق التسوية بشأن غزة، ليكون الجنوب مقابل غزة.