اهلا لست أعرف لماذا الكنيسة الأرثوذكسيّة تحبّ هكذا القدّيسات العائدات من التّوبة ولا تبدو مسحورة بالقوّة نفسها بالّذين كانوا دائمًا تائبين. هل أنّ الأرثوذكس خطأة تائبون؟ ربّما ليس عندنا تعريف عن المؤمن الكبير أقوى من قولنا إنّه جاء من التّوبة. المسألة إنّك لا تقدر أن تتكلّم عن البِّر ما لم تتكلّم عن الخطيئة. هذا أسلوبنا من أجل الهِداية. ثمّ لماذا هذا الكمّ من القدّيسين الذين كانوا خاطئين؟ هل لأنّ الكنيسة لا تعرف كثيرًا عن ناس كانوا دائمًا تائبين؟
أنت لا تستطيع أن تتعاطى الكنيسةَ الأرثوذكسية بسهولة. هي صعبة المنال، وأصعب ما فيها أنّها لا تصدّق أنّ الناس الذين كانوا طوال حياتهم أطهارًا كثيرون. أجل هذا صحيح ولكن يبدو لي أيضًا أنّها تريد أن تعزّي الذين كانوا خطأة بتصويرها أنّ مصيرَهم في حنان الله وتوبتَهم في الخلاص. أجل نعرف من سيرة القدّيسين أنّ بعضهم كان طاهرًا منذ شبابه ولكن ما في أذهان النّاس أنّ كثرةً من الأبرار جاؤوا من الخطيئة. ويلفتك في العبادات الأرثوذكسية أنّها لا تتكلّم كثيرًا عن طهارة دامت عند بعض بقدر ما تتكلّم عن التائبين. هل لأنّنا نعرف واقع الحياة أم نريد أن نرى أنفسنا خطأة لئلا نستكبر؟
ثم يلفتني في سيرة القدّيسين عندنا أنّنا نقول عن بعضٍ من آبائنا إنّهم كانوا زناة. لماذا اللّفتة إلى الخطيئة دائمًا؟ هل لأنّنا نخاف الغلو إن لم نصف الأبرار بأنّه كانت لهم شوائب؟ لماذا الإلحاح على مريم المصرية ومريم المجدلية؟ ألا يوجد غير هذين الاسمين في الخاطئات؟
هل الكنيسة تكثر من الكلام على العفة لاحتسابها أنّنا من حيث الكمّ نخطئ أولاً إليها؟... أنا لست عالمًا في الطقوس المسيحية المقارنة، ولكن لفتني أنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة تتكلّم كثيرًا عن العفّة بمعناها الجسديّ. هل هذا التركيز أتى من أنّ كُتّاب الطقوس عندنا كلّهم رهبان وما يجذبهم في الفضيلة أوّلًا هو العفاف؟ هل لأنّه صعبٌ حتّى على الذين في الدّير؟
في غرفتي أيقونة هامّة لمريم المصرية. لماذا بقيت مريم المصريّة نموذجًا لي جاذبًا ولم اختر قدّيسًا عاش القداسة طوال حياته؟ لماذا يعجبنا التّائبون أكثر من الذين كانوا دائمًا طاهرين؟ هل لكون التّوبة معجزة، قريبة من المستحيل؟ بمعناها الكامل باللّغة اليونانية هي تحويل كلّ ما في عقلك إلى الله. هل من إنسان له ان يصبح إلهيًّا إلى هذا الحد؟
تروقني الكنيسة الأرثوذكسية لأنها عرفت أن تختار قدّيسين ممّن خطئواْ ربّما لتقول للمؤمنين إنّهم جميعًا قادرون على التّوبة إن رغبوا.
كلّ يوم نحتفل بقدّيس. لماذا في الأيّام المكثّفةِ التّقوى نحتفل بالقدّيسين الذين خطئوا؟ أظنّ أنّ هذا تربية لنا جميعًا، أي القول بالتّوبة مهما عظمت معاصينا. أظنّ أنّ أهمّ ما في التّوبة ارتياح التّائب، مع معرفته لضخامة خطاياه، أنّ الله محاها له بلحظة.
لماذا المؤمن الكبير تجذبه توبة الآخرين؟ ألأنه رأى فيهم أنّ مراسهم أبعدهم كثيرًا عن الحقّ وأنّ رجوعهم إلى الرب صعب المنال ومع ذلك يرجعون؟ الرجعة الكبيرة إلى الله هل هي ممكنة؟ أنا أعرف انها صعبة ولكن ليس عند الله فينا مستحيل.
هل كل منا يريد ان يكون مريم المصرية في طور توبتها؟ هل يؤمن بأنّ هذا ممكن لله اعطاؤه لنا؟ لماذا تريد الكنيسة أن يكون التائبون والتائبات نماذج لنا؟ هل هي تصدّق إنّنا راغبون في الصّورة؟ هي تؤمن على الأقلّ أنّنا بالنّعمة قادرون عليها.