
















اهلا
هاديس أو هادس؛ هو أخو كبير الأرباب زيوس، كما أنه أخ لـ هيرا، وبوسيدون.. هاديس هو رب العالم السفلي (عالم الموتى) طبقا للأساطير اليونانية القديمة. وقد تخيل الإغريق تلك المملكة (مملكة عالم الموتى) التي يحكمها هاديس فوصفوها وصفا مرعبا؛ فعميقا تحت الأرض هناك في مملكته المظلمة التي لا تنفذ إليها الشمس أبدا يحكم هاديس الكئيب الذي لا يرحم.
في تلك المملكة المرعبة؛ تجري الأنهار الكئيبة، وتصطخب الأمواج، وعلى ضفافها تتزاحم أرواح الموتى بالأنين. وعبر الحقول الكئيبة لمملكة هاديس تندفع أشباح الموتى الخفيفون الذين لا جسم لهم، وهم يشكون من حياتهم البائسة، وبهدوء يتردد أنينهم الذي بالكاد يُسمع.
وعلى مدخل المملكة يقف "الكلب سيربير" ذو الرؤوس الثلاثة، بينما الأفاعي تتحرك على عنقه وتطلق فحيحا رهيبا. أما "شارون" ذلك العجوز القاسي؛ فهو ينقل أرواح الموتى من الدنيا إلى المملكة، ولا يمكنه أن يعيد أي منها مرة أخرى إلى الحياة.
وهناك في وسط المملكة، يجلس هاديس على عرشه الذهبي مع زوجته الجميلة "برسيفونة" بينما تقوم على خدمته ربات الانتقام "الايرينات" القاسيات؛ اللائي يلاحقن المجرمين بالسياط والأفاعي، فلا يتركنهم يرتاحون دقيقة واحدة، ولا يكتفين بتعذيبهن هذا، بل يعذبنهم أيضا بتبكيت الضمير، ومن يحاول من أن يختبئ منهن لا يستطيع فهن يعثرن على ضحيتهن في كل مكان.
وبجوار هاديس على العرش يجلس قاضيا مملكة الموتى "مينوس"، "ورادامانت". وبالقرب من العرش يقف رب الموت "ثاناتوس" شاهرا سيفه، يرتدي معطفا أسود، وله جناحان أسودان كبيران، وحين يأتي "ثاناتوس" إلى فراش المحتضر كي يقص بسيفه خصلة من شعره، ويقبض روحه، فإن برودة القبور تهب من هذين الجناحين.
وعندما يقوم "ثاناتوس" بقبض الروح – طبقا للأساطير اليونانية – تقف حول المحتضر "الكيرات" الكئيبات ولا يكففن عن التحويم فوقه، ولا تسل عن فرحهن وهنّ يرين كيف يتساقط الموتى، وكذا المحاربون في ساحات القتال الواحد تلو الآخر، حتى إنهن لينقضضن بشفاههن الحمراء على الجروح وبكل نهم يمتصصن دم المصابين الساخن، فينتزعن أرواحهم من أبدانهم.
وبجانب كبير المملكة "هاديس" تجد المعبود الشاب الجميل "هيبنوس" يحوم بشكل غير مسموع فوق الأرض وفي يديه ثمار الخشخاش، ومن القرن الذي يحمله يصب الشراب المنوم، ويلامس بصولجانه بكل لطف ورفق عيون الناس ويغمض الأجفان بهدوء، فيروج الناس في سُبات لذيذ.
ويطوف أرجاء المملكة "مملكة الموتى" أرباب الأحلام، منهم أرباب يُعطون الأحلام الصادقة والبهيجة، ومنهم آخرين يخيفون الناس ويعذبونهم بالأحلام الفظيعة والرهيبة.
حقا.. إن مملكة هاديس مليئة بالفظائع، ففي ظلمتها يعيش الشبح الفظيع "إمبوزا" بأقدام حمار، وإمبوزا هذه كانت شيطانة تقود الناس وتستدرجهم تحت جنح الظلام إلى مكان مهجور، فتمص دماءهم وتلتهم أجسادهم.
وبالمملكة أيضا.. تطوف العفريتة "لاميا" التي تتسلل تحت جنح الظلام إلى غرف نوم الأمهات السعيدات؛ فتختطف أطفالهن، كي تروي غليلها من دمهم.
وعلى رأس جميع الأشباح والعفاريت بمملكة هاديس؛ تقف الربة "هيكات" العظيمة وهي بثلاثة أبدان وثلاثة رؤوس، وفي الليالي غير المقمرة تطوف هيكات تحت جنح الظلام عبر الطرقات وعند القبور برفقة حاشيتها، ومن حولها كلاب "ستيكس" فترسل الفظائع والكوابيس إلى الأرض وتهلك الناس.
حقا.. إن مملكة هاديس فظيعة، ويكرهها البشر!!
+++++++
مرجع: (أ.أ. نيهارت. "الآلهة والأبطال في اليونان القديمة". ترجمة: هاشم حمادي، الطبعة الأولى، الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 1994م)