
















اهلا - بقلم جورج مناريوس بعد البحث الدقيق و اخذ الكثير الكثير من الوقت فقد استنتجت التالي :
عندما صام يسوع المسيح اربعين يوما واربعين ليلية، صام فقط عن الاكل وليس كما هو معتقد انه صام عن الاكل والشرب.
والدليل موجود امام اعيننا لسنين عديدة ولكننا لا نراه، ذكر كل من القديسين متى، لوقا ومرقس التجربة على الجبل وصيام السيد المسيح.
من المعروف ان القديسين الذين نقلوا لنا البشارة السارة التي معناها في اليونانية " εὐαγγέλιον افانجيلكون " ومنها اتت كلمة انجيل، كانوا دقيقين جدا في سرد الاحداث لانهم مساقون من قبل الروح القدس. حيث كانت كتاباتهم دقيقة ولم يكتبوا اي كلمة في غير موضعها، مما يجعل الحقيقة كاملة أمامنا، وما علينا سوى التعمق في كلمة الرب لايجادها.
جاء في انجيل معلمنا لوقا الاصحاح الرابع : " أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا."
فهنا نقرا ان السيد المسيح لم ياكل شيئا، ولم يقول لم يشرب شيئا وانه جاع اخيرا ولم يعطش.
وفي انجيل معلمنا متى الاصحاح الرابع : " ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ.فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا."
هنا ايضا نقرا ان السيد المسيح جاع ولم يعطش، واذا كان صائما عن الشرب والاكل لكان ذكر احد هؤلاء القديسين ان السيد المسيح عطش.
اما في انجيل معلمنا مرقس الاصحاح الاول تم ذكر التجربة دون اي اذكر للاكل او الشرب.
ولذلك كان السيد المسيح صائم على جبل التجربة في اريحا قرب عين ماء تسمى بعين اليشع، نسبة للمعجزة التي قام بها اليشع النبي في ذلك المكان. (2ملوك 2:19-22)
فلا احد يستطيع ان يصوم بلا ماء اكثر من اسبوع واحد، اما من غير اكل مع شرب الماء يستطيع ان يصوم لمدة شهرين او اكثر. ونحن نعلم جميعا ان السيد المسيح تالم عنا بالجسد لان اللاهوت بجوهره غير قابل للألم.ولكن المسيح تالم بالجسد، وجاع، وتعب وحزن بالجسد. بينما اللاهوت غير قابل للآلام، لكن الناسوت حينما وقع عليه الالم، كان متحدا باللاهوت. فنسب الالم إلى هذا الشخص غير المحدود، ( الكلمة المتجسد ، يسوع المسيح )
مثال للتوضيح: إن الحداد عندما يطرق الحديد المحمى بالنار بالمطرقة، فالمطرقة تطرق الحديد المحمى بالنار فتقع على الاثنين، على الحديد وعلى النار. ولكن الحديد يتثنى ( يتأثر بالطرق ) بينما النار لا يضرها الطرق بشيء.
كذلك يسوع المسيح عندما كان لاهوته ملتحفا في الناسوت، لم يستخدم قوة لاهوته الا عند لحظة الخلاص اي الصليب،"وهو الإنسان الذي شابهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة" (روم 8: 3؛ 2 كور 5: 21). كما قال عنه بولس الرسول "أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ." (في 2: 7).
فعندما اخلى ذاته من مجده المنظور لم يستخدم قوة لاهوته في اي شيء لمنفعته، بل لمنفعة الاخرين، وقد اثبت ذلك الشيطان نفسه. عندما قال له في اول كرازته اثناء التجربة: "إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا ". وفي اخر لحظة من كرازته على الصليب عندما قال له على لسان الفريسيين : "يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!"
فكل ما صنع السيد المسيح من معجزات من شفاء البرص، و العمي واقامة الموتى كان لمنفعة الاخرين، ولم يستعمل قوة لاهوته لمنفعته الشخصية ابدا . حتى اعدائه الذين صلبوه شهدوا له بذلك فنقرا في انجيل معلمنا متى الاصحاح 27:
"وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا:«خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ!"
اذا مما سبق نستنج وخلافا للمعتقد العام المعمول به لمدة سنين، ان يسوع المسيح صام اربعين يوما واربعين ليلة عن الاكل فقط، وكان يشرب الماء خلال هذه الفترة .