اهلا

في فلسطين كانت هناك قرية أرمنية وحيدة, اسمها قرية الشيخ بريك, كانت ملاذا لعائلات ارمنية هربت من تركيا قبل اكثر من قرن, هربت من المجازر والحروب واستقرت قبالة قرية عتليت الى الجنوب من حيفا, لم تهجر هذه القرية في النكبة مثلما هجرت بقية جاراتها مثل الطيرة وعتليت والمزار وعين حوض وكفر لام وغيرها , لكن أطماع الكيبوتسات الصهيونية القريبة بقيت تلاحقها حتى اقتلعتها من جذورها وسيطرت على اراضيها.
مع احتدام المجازر ضد الارمن عام 1915 قام الكثير منهم من المقيمين في تركيا بالهرب خوفا على حياتهم, بعضهم وصل الى فلسطين, هنا تعرفوا على ملاك اراضي من حيفا يدعى انطون حمودة, كان حمودة يملك مساحات شاسعة من الاراضي في المنطقة الواقعة الى الغرب من قرية عتليت جنوب حيفا تبلغ نحو 1000 دونم, يتوسط هذه الاراضي مقاما يدعى مقام الشيخ بريك.

تم الاتفاق بين ملاك الاراضي انطون حمودة والعائلات الارمنية على ان تسكن هذه العائلات بالقرب من مقام الشيخ بريك وتعبد وتزرع الاراضي على ان يتم تقسيم المنتوج بين الطرفين, وهكذا رويدا رويدا بدأت تبنى قرية جديدة على تلة قريبة من ساحل البحر هي قرية الشيخ بريك, وفي عام 1948 كانت تسكن القرية 15 عائلة تضم 95 نسمة.
في النكبة تم تهجير انطون حمودة الى لبنان كبقية معظم سكان حيفا, وأعلن الحارس على أملاك الغائبين سيطرته على املاكه بادعاء انها املاك غائبين. لم تكتف الكيبوتسات القريبة بنهب وسلب عشرات الاف الدونمات التابعة للقرى الفلسطينية المجاورة, بل قامت مباشرة بمحاولة السيطرة على الاراضي التي يزرعها ويعبدها سكان قرية الشيخ بريك.
بتاريخ 24/10/1948 أبرق سكان قرية الشيخ بريك رسالة الى مكتب مستشار شؤون الاقليات في حيفا يشكون فيها ان سكان كيبوتس عين هيام المجاور قام بحراثة ارضهم - التي يزرعونها منذ 22 عاما , في رسالتهم يوضحون اهالي قرية الشيخ بريك ان انطون حمودة كان يملك 1000 دونم وانهم كانوا يستعملون 580 دونم منها, ويضيفون في الرسالة ان الكيبوتسات قد سيطروا على اكثر من 40000 دونم من املاك القرى العربية المهجرة ولا زالوا يطمعون ب 580 دونم التي يزرعوها.

لم يحتمل سكان الكيبوتسات الصهيونية المجاورة وجود القرية الارمنية مكانها, فبدات حملة مضايقات تهدف الى اخلاء البلدة وتهجير اهلها, فمنعت عنها ابسط الخدمات, وسدت الطرق المؤدية اليها, وقامت السلطات بإمداد القرية بمياه شرب مالحة, واستمرت عملية التهجير حتى منتصف الثمانينات, حينها تم تهجير من تبقى وفي اليوم الثاني قامت السلطات بهدم البيوت لكي تضمن عدم عودة اهلها, ولم يبق في المكان الا قبور تذكر بأطماع الكييبوتسات الصهيونية التي محت من الوجود القرية الارمنية الوحيدة في فلسطين.