اهلا - تاريخ في يوم 6 أيلول (سبتمبر) 1566م (البعض يُحددها يوم 7 أيلول / سبتمبر)، تُوفي السُلطان العثماني سُليمان القانوني أثناء حصاره حصن سيكتوار المجري.
كان قد مرّ على حُكْم سُليمان للدولة العثمانية 46 سنة بحلول سنة 1566م، وهي السنة التي خرج فيها سُليمان للحرب للمرة الأخيرة، وكان السُلطان قد بلغ 72 سنة من العُمر، وكان يُعاني من داء النقرس الذي أقعده (كان هذا المرض وراثياً في السُلالة العُثمانيَّة، وعانى منه أغلب السلاطين)، إلَّا أنه أصرَّ على الخُرُوج مع الجيش، فحُمل على نقَّالة وتوجَّه لِتحيَّة الجُنُود والسلام عليهم، ثُمَّ خرج بهم من إستانبول إلى المجر، لِتكون هذه حملته العسكرية الثالثة عشر، التي كُتب له أن تكون آخر حملةٍ في حياته.
كان هذا الجيش من أكبر الجُيُوش الإسلاميَّة عُموماً والعُثمانيَّة خُصُوصاً، وكان هدفه حصن سيكتوار على أطراف المجر، ثُمَّ فيينا عاصمة مملكة هابسبورغ النمساويَّة، وكان فتح الحصن المذكور ضرورة استراتيجيَّة لتضييق الخناق على فيينا تمهيداً لفتحها، بعد أن فشل العُثمانيُّون في دخولها عند حصارها الأوَّل.
بدأ الحصار فعلياً في السادس من آب (أغسطس) عندما أمر السُلطان بهجومٍ عام على الأسوار، لكنّ المُدافعين تمكّنوا من صده بنجاح، وعلى الرغم من قلة عدد المُدافعين عن المدينة وكثرة الجيش العُثماني إلّا أنّ الجيش الإمبراطوري في فيينا لم يُرسل أيّ تعزيزات لهم، وبعد حوالي الشهر من الصراع الدموي المُضني تراجعت القلّة المُتبقية من المُدافعين عن المدينة إلى البلدة القديمة للمواجهة الأخيرة، فبدا سُقُوطها في يد العثمانيون أمراً حتمياً لا مفرَّ منه.
قُبيل اقتحام المدينة، فارق سُليمان الحياة في خيمته، فأخفى الصدر الأعظم خبر موته كي لا تخف عزيمة الجنود وتقوى عزيمة المُحاصرين، ولم يعرف بالوفاة إلا أقرب المُقرَّبين، وفي اليوم التالي من وفاته، هاجم الجيش الحصن لِلمرَّة الأخيرة ونجحوا في اقتحامه وفتحه، لكن ثمن النصر كان باهظاً جداً، إذ قُتل ثلاثة باشوات، وسبعة آلاف إنكشاري، وحوالي ثمانية وعشرين ألف جُندي آخر، علماً بأنّ المصادر تتباين في عدد القتلى من الجيش العُثماني حيث تتراوح التقديرات بين 20,000 و35,000. بِالمُقابل، كان المُقاتلون المجريون قد أُبيدوا عن بُكرة أبيهم تقريباً.
نشر الصدر الأعظم بعد نهاية المعركة منشوراتٍ باسم السلطان أعلن فيها النصر، كما أعلن أسف السلطان على عدم قدرته على الاستمرار مع هذه الحملة الناجحة نظراً إلى وضعه الصحي الراهن، ولمَّا عاد الجميع إلى إستانبول أُعلنت وفاة السُلطان سُليمان، وبويع ابنه سليم الثاني بِالسلطنة والخِلافة، واستُخرجت أحشاء السُلطان ودُفنت بِالمجر لِلحيلولة دون تحلُّل الجُثمان خلال الرحلة الطويلة إلى إستانبول، وحُفظ الجُثمان نفسه في ناووسٍ مُلئ بالثلج ريثما وصل إلى إستانبول حيثُ وري الثرى في باحة مسجد السُليمانية.
كانت الدولة العُثمانيَّة عند وفاة سُليمان القانوني قد أصبحت أقوى دول عصرها، وإمبراطوريَّة عالميَّة، بحيث بلغت مساحتها نحو 15 مليون كيلومتر مُربَّع، مُقارنةً بِحوالي 6.5 ملايين كيلومتر مُربَّع زمن السُلطان سليم الأوَّل، والد سُليمان.
يظهر أدناه مُنمنمة عُثمانيَّة تُصوِّرُ حصار الجيش العثماني والمدافع للمدينة.