
















اهلا ترجمة: أمل نصر
-
وعند المشي في أزقة البلدة القديمة في القدس اليوم، فإن الأصوات السائدة هي هتافات الباعة الفلسطينيين الذين يحركون الشرايين التجارية الرئيسية. متفرعة من المحور الرئيسي للمدينة القديمة، بقايا القضبان الرومانية لكاردو مكسيموس وديكومانوس ماكسيموس، هذه الممرات النابضة بالحياة هي التي تربط بوابات المدينة الرئيسية بقلبها. بينما يمشي المرء بالقرب من قلب المدينة، الموقع الضخم والمرتفع للحرم الشريف، يمكن سماع أصوات أخرى بشكل متواصل وبوضوح- تلوح في الأفق في خلفية المكان الصوتية: أصوات الشاحنات والجرافات والمثاقب. ومن المفترض أن هذه الأصوات ليست بأصوات غريبة في الوقت الذي يتم فيه تحويل المدن على مستوى العالم، من نيودلهي إلى القاهرة، إلى مواقع بناء كبيرة غير مكتملة. لكن في القدس، الأصوات ليست لموقع كبير من البناء فوق الأرض ولكن للحفر تحت الأرض.
نظرًا لأن التوسع الاستعماري الإسرائيلي في أماكن أخرى من البلاد يستحوذ على قمم التلال والأنهار والأراضي الزراعية الخصبة، يتغلغل هذا التوسع في عمق القدس مثل مشرط يخترق جلد المدينة إلى أنسجتها الداخلية. ويمارس علم الآثار، المشبع بالأيديولوجية الاستعمارية والاستراتيجية، سطوته على الأرض لتبرير هذا التوسع الجوفي وتطبيعه. لكن لسان المنطق لا يخفي حقيقة أن هذا التوسع الجوفي هو إعادة اختراع لتاريخانية المكان بقدر ما هو تصميم للمكان. فمع كل شبر يحفر في عمق الأرض، تتزايد الادعاءات الاستعمارية بشأن ما يعتلي هذه الأرض. وسواء كان ذلك لغرض بناء حديقة أثرية أو مقبرة جديدة تحت الأرض، لا يمكن التغاضي عن التهديدات الإقليمية التي تشكلها مثل هذه التوسعات بالنسبة لمدينة محتلة. وبالنسبة للسكان الفلسطينيين في البلدة القديمة في القدس والأحياء المجاورة لها مثل سلوان والشيخ جراح، فإن الارتدادات الضخمة وصدى صوت الحفريات للتنقيب الإسرائيلي في جوف الأرض يعني شيئًا واحدًا: إشعار إخلاء وشيك.