
















اهلا - فلسطين قبل النكبة بسنة أو سنتين، كان جد أمي يحرث أرضا له متاخمة لسياج مستعمرة "غات" المقامة على أراضي عراق المنشية، فجاء إليه مختار المستعمره، واسمه ماير، ووقف على الجهة الأخرى من السياج وقال له: لماذا تتعب نفسك؟ أنت تزرع ونحن سنحصد زرعك. أجابه جد أمي: هذا لن يحصل إلا على جثثنا. فقال ماير: وحياة دينك سنأتي ونضع القبعات خارج بيوتكم ونخرج نساءكم منها، ولن يكون ذلك بعيدا.
مات جد أمي قهرا وهو يصلي العشاء في أحد الأيام أثناء حصار القرية الذي استمر ستة أشهر، ولم يشهد بقية المأساة. صمدت عراق المنشية أحد عشر شهرا بعد نكبة فلسطين، وهجرت في 24 نيسان 1949، ولم يشفع لها بند خاص في معاهدة رودس ولا قرار في مجلس الأمن يتيح لها البقاء.
هذه القصة التي روتها لي أمي استعيدها الآن وأنا أشاهد ما يحدث في القدس والشيخ جراح.
ووصلت إلى يقين أننا إذا سمحنا لهم بأن يخرجو ا أبناء شعبنا من بيوتهم هناك، فلن يطول الوقت حتى يأتوا إلينا ويخرجونا من بيوتنا في الماسيون والطيرة والبالوع ، وفي نابلس والخليل وطولكرم وأريحا..إلخ ، ولن تحمينا رغبتنا في السلام ولا الرسائل المتطابقة التي يحملها وزير خارجيتنا إلى روسيا ودول الاتحاد الأوروبي. سيحمينا حل واحد يبدو خياليا ولكنه بسيط كمعجزة: وهو أن نخرج جميعا بعددنا البالغ مليونين ونصف من الرجال والنساء والأطفال، من الظاهرية في أقصى جنوب الضفة حتى الجلمة في أقصى شمالها، ونجلس على الطرقات الرئيسية ونبقى جالسين هناك، حتى يتوقف كل شيء، وحتى يخرج الاحتلال.
وإن لم نفعل هذا أو ما يمكن أن يوقفهم، فإن هذه العصابة التي لها جيش ووزارة خارجية ومحكمة لشرعنة السطو المسلح، سوف تأكلنا كالغرغرينا.
الصورة من تهجير قرية عراق المنشية