
















اهلا - الامارات الإمارات العربية المتحدة بلد شيّد في بيئة صعبة تتسم بدرجات حرارة مرتفعة وصحراء قاحلة تندر فيها المياه. ولإرواء عطش سكانها، اعتمدت الدولة الخليجية على تحلية مياه البحر لغاية يومنا هذا. غير أنه في غمرة التغير المناخي والنمو السكاني المتسارع، تعلم الإمارات بأنها لا تستطيع الاعتماد على هذا الحل للأبد، لذلك تقوم باستكشاف حلولٍ أكثر استدامة. بينما تشعّ ناطحات السحاب في الصحراء ساطعة مبرزةً ثروات البلاد، تواجه الإمارات العربية المتحدة تحديًا خطيرًا يتمثل في ندرة المياه. والواقع أن دولة الإمارات لا تستطيع المفاخرة بثروتها المائية، فمدنها تقف قوية شامخة، إلا أنها تقع في منطقة تفتقر للأنهار أو المياه العذبة. وبما أن المناخ الصحراوي هو المناخ السائد في هذه المنطقة، فإن معدل هطول الأمطار منخفض جدًا حيث يبلغ أقل من ١٠٠ مم في السنة أو قد يبلغ ١٢٠ مم في شمال الإمارات. وتعتمد البلاد الآن على تحلية مياه البحر لتلبية معظم احتياجاتها، بما فيها إنتاج المياه الصالحة للشرب. وتعد الإمارات العربية المتحدة ثاني أكبر سوق لتكنولوجيا تحلية المياه في العالم. ففي عاصمة الإمارات، أبو ظبي، وحدها يوجد تسع محطات لتحلية المياه "بإجمالي قدرة إنتاجية تبلغ حوالي ٩٦٠ مليون جالون إمبراطوري في اليوم الواحد". كذلك أنشأت المدينة مشروع تخزين المياه الجوفية وإنعاشها للحالات الطارئة، حيث تخزّن مياه الشرب في الصحراء وتبقى صالحة لثلاثة أيام. إن محدودية الموارد المائية فيها وكذلك سياسات تحويل الصحراء إلى أرض خضراء وضعت الإمارات في دائرة الضوء لإنتاج حلول تضمن إمدادات المياه لسكانها الآخذين بالتزايد. وفي غضون ذلك، صنّف معهد الموارد المائية عام ٢٠١٩ الإمارات في المركز ١٠ من أصل ١٦٤ دولة حول العالم من حيث حجم استهلاك الموارد المائية. وفي المتوسط، لدى الإمارات أحد أعلى معدلات استهلاك المياه للفرد الواحد في العالم، بمعدل ٥٥٠ لترًا في اليوم، في حين يقول البعض بأنها قد تصل إلى حوالي ٦٠٠ لتر. بالمقارنة، يتراوح المتوسط العالمي بين ١٧٠ و٣٠٠ لتر في اليوم الواحد. ولا يُعزى هذا الارتفاع في الاستهلاك إلى الحاجة المتزايدة لمياه الشرب في مناخ حار فحسب، بل أيضًا إلى النشاطات المكثفة المتعلقة بالبستنة وتنسيق الحدائق والزراعة. هذا وقد نجحت بعض الإمارات، كالشارقة مثلاً، بالتخفيض من حجم استهلاكها حيث تم تقنين استخدام المياه. كذلك استحدثت دبي تعرفة الشرائح على استهلاك المياه، ما يعني أن ثمن المياه يزداد مع ارتفاع معدل الاستهلاك. بدائل تحلية المياه إن عملية تحلية المياه تزيد من نسبة الملوحة في البحر وتشكل خطرًا بيئيًا جسيمًا. لذلك، تشكل الجهود المبذولة لإيجاد البدائل أولوية بالنسبة للإمارات. وقد وُجد جزء من الحل في الاستمطار الصناعي للسحب، وهي تكنولوجيا تنتج الغيوم ومن ثم تجعلها تُمطر. وبحسب عدد من المطّلعين، نجح البرنامج في زيادة احتمالية هطول الأمطار بنسبة ٣٠ بالمئة – احتمالية، انتبهوا، وليس إجمالي كمية الأمطار بحد ذاتها. عام ٢٠١٧، أطلق وزير الطاقة استراتيجية الأمن المائي لعام ٢٠٣٦، وتهدف الاستراتيجية إلى تأمين استدامة الموارد المائية في المقام الأول عبر تخفيض الطلب على المياه بنسبة ٢١ بالمئة. ويتمثل أحد أوجه هذا الأمر في تخفيض كمية الماء المستخدمة في الزراعة. وكانت الحكومة قد استحدثت مسبقًا تقنيات ريّ جديدة، مثل الري بالتنقيط، التقنية التي تستخدم ماءً أقل من الطرق التقليدية بنسبة ٤٦ بالمئة. وفي الآونة الأخيرة، دخلت الاستثمارات حيز "المزارع الذكية"، حيث يمكن للغذاء أن ينمو في بيئات مغلقة خاضعة لرقابة شديدة، تتيح إعادة تدوير المياه. ولعل إحدى أبرز الشركات المعروفة في هذا المجال شركة مزارع بادية، الرائد الإقليمي في مجال التكنولوجيا الزراعية. فباستخدامها للتكنولوجيا المائية وبقدرتها على إعادة تدوير المياه تساهم الشركة بقدر كبير في تأمين الاستدامة الزراعية والتنوع الغذائي. ومن باب التوسع الهائل، ستقوم مزارع بادية بنقل "المزرعة العمودية" ذات التكنولوجيا العالية إلى المدينة الصناعية في دبي في الربع الثاني من عام ٢٠٢٠. ولدى هذه المزرعة الضخمة القدرة على توفير حتى ٩٠ بالمئة من المياه المستخدمة في الزراعة، مما يقلل الكمية التي تستهلكها النباتات بالفعل.