















اهلا وَرْدُ الشّام / سعيد نَفّاع نمر نمر-حرفيش
لا أدري كيف خَطَر المتنبّي: أحمد بن الحُسَين:(915 -965 م) على بالي، وبعد لحظات، طَرَق ساعٍ بابي، يحمل هديّة أدبيّة، اسمَها: ورد الشّام للكاتب سعيد نفّاع الجَنّاوي(المُعَلّقاني)، نسبة لاسْمها لدى ورد الشّام، لِأنّها مُعَلّقة على سفوح جبل الجرمق، وليس على جدران الكعبة.
قال المتنبّي:
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحيرةَ شارباً/ وردَ الفرات زئيرٌهُ والنّيلا.
وما بين ورد المتنبي وورد الشّام يسرح الغزال ويطيب ويحلو الكلام، لأنّنا نبقى في جزيرة الشّام وإقليم الشّام في موروث روحيّ لطائفة الموحِّدين.
حِرْتُ لِأوّل وهلة من العنوان المُثير، وأنا أعشق الشّام وياسمينها وورودها وعقيدها وَشَهْبَنْدَرَها، وقُطامِيَّها وَعَظْمَتَها وميسلونها وعَلِيَّها ورشيدها وأمينها وأحمدَها وسليمها وقاسمها ونزارها وفيروزها وعطرها وقاسيونها وَبَرَدَها وغوطتها وجرمانتها وصحناياها وأشرفيّتها وجبلها وحَلَبَها وشوفها وَعَقْلَها، قبل ان ينثر الورود أمام (الفاتح!!) الإسرائيلي 1982، وقبل أن يَسْلبها غطاريس الوحش الأمريكي القبيح قبل عام واحد، وقائمة العشق طويلة جدّاً، إنّ وجود الأجاويد وأولاد الحلال والوطنيّين المُكَثّف في هذه الدّيار، يبعث الأمل على أن لِأجل صالح تَعْمر جزيرة، وكم بالحريّ إذا كان الصّلاح كُثُراً، رغم ما يعيث بها الغزاة الجُدد من جرائمَ تقشعرّ لها الأبدان، هذه الجرائمُ النّازيّة المُمنهجة لا مثيل لها همجيّة وبربريّةا.
ورد الشّام/ ورد سعيد نفّاع: كَسّاب وهّاب، جذّاب وصواب، به ثواب وعقاب وعتاب، وألم وأمل، وَسَرْد وجُهد، وبلاغة ومناعة وقناعة، وحصانة، إلى جانب الدّليل والتّفاصيل:
صَدَر الورد حديثاً، عن دارَي النّشر: الرُّعاة وجسور/ رام الله/ فلسطين، صَمّم الغلاف الفنّان، نفّاع نفّاع، عدد الصّفحات 222، قطع متوسّط، تظهير الكتاب: الكاتب توفيق فيّاض، رام الله فلسطين/تونس/21 كانون الثّاني2025، غلاف أخضر جبراً لخواطر أحمد طافش وَعُصْبَتِه المَسِيّة في الكفّ الأخضر، وجبر الخواطر على الله، مَشّيها وْيالله، كما يقول الأطرش الحوراني وليس الباشاني!
يأخذنا أبو علاء وعليّه إلى هذا المَدّ المتواصل ما بين ربوع الشّام العذِيّة، يمحو الحدود المصطنعة في حظائر(سايس-بيكو)، كما أسماها طيّب العِطر سميح القاسم.
إنّها رواية أدبيّة، تاريخيّة، اجتماعيّة، وطنيّة، تسجيليّة، وثائقيّة، تحوي ما لذّ وطاب وَمُرَّ وعلقم القهر والعُهر والغدر والتّخاذل والانْبطاح أمام المُنْتَدِبَين الشِّرّيرَين: إنجلترا وفرنسا ومن يدور في فَلَكَيْهما من أعراب وأعجام.
دعونا نضع باليَد أو في الذّاكرة: سعيد النّاشط السياسي والاجتماعي من لجنة المبادرة إلى الحزب والجبهة وحركة المبادرة، ثمّ التّجمع الوطني الديموقراطي، وميثاق المعروفيّين الأحرار والتّواصل، ودرب المُعلّم والمُحاماة ورئاسة المجلس المحلّي في بيت جن (المْعَلّقة)، والأدب والفكر والكنيست والمنتديات الأدبيّة والاتّحادات والقصص والتأريخ والإصدارات الأدبيّة:(25 بَرَكة من كريم) والحَبل عَ الجّرّار ، وغيره من النّشاطات المتعدّدة، وبعد إذن أبي علاء نُرَكِّز على عمله الأخير: ورد الشّام، والشّام شامك يا سعيد، وأذّاقوكَ الأمَرَّين بذريعة التواصل مع أهلها وأهلنا الطّيبين!
في هذا العمل الأدبي يُسَهِّل أبو علاء المهمّة أمام قارئيه، يتلو الأحداث، الأسماء، الزّمان والمكان، وإن يكن في بعض الأحيان: أسماء مستعارة، وهذا من حقّه، كما تتطلّب الرّواية، ورد الشّام هي المصدر الأوّل لبنك المعلومات، يليها البوابرجي، (بَيّْي سليم)، صاحب دفتر المذكّرات ويوميّات ببور الطّحين والزّيت وعائداته، وما لَه ُمن دُيون والسّمكري الحوراني والشّيخ راشد (لعلّيَ أعرف اسمه الحقيقي، ولا أفْصح عنه إحتراماً لرأي الكاتب)، درب بيت جن إلى الخيط، سهل الحولة مغر الدّروز، ومحطّات على الطّريق، أو (وقفات على المفارق) في مقالات سعيد)، الزّابود، العين البيضا، السّمّوعي، ميرون، بير الشّيخ، طيطبا، دلاّثا، علما، عمّموقا، الفباعة... ، أتوقّف قليلاً! قرأتُ هذا المسار عينَه في كتابات محمد نفّاع رحمه الله، شو خَيَّرَكْ عّنّو: يا خوه يا ابن عمّو! والإثنان أبناء عمومة، لا عيرة ولا لْزاقة، نقس البيئة والمناهل والمشارب والمراعي، الفارق العمري بينهما أربع عشرة سنة، أكبر مِنَّكْ بْشهر أوعى منّك بِدهر! وإنْ اختلفا أحياناً في بعض المواقف الحزبيّة، وهذا من حقّهما، واختلاف الرّأي لا يُفسد للوُد قضيّة، هما (حفيدا) طيّب الذِّكْر الشّيخ الجليل: محمد نفّاع، أواسط القرن الثّامن عشر، الرّئيس الرّوحي لطائفة الموَحِّدين، تنازل عن الرّئاسة طوعاً، نحو عام 1750 م وسَلّمها، حلال زلال، هديّة ما من وراها جزيّة، لآل طريف الكرام، لِأنّهم احتضنوا الشّيخ الشّاعر علي الفارس يركا/ جولس)، صاحب قصيدة يا مَن يُخْبرني عن جيرة:
يا مَن يُخْبرني عن جيرة رحلوا/ أين استقاموا وأيَّ الأرض قد نَزلوا/
وأيَّ أرضٍ يسكنون بها/ وأيَّ رَبْعٍ مِن رَبْعنا بَدَّلوا/
تَرى بِأرْضِ النّقا حَلّتْ رَكائِبُهم/ أو أنّهم لِأراضي البانِ قد وَصلوا/
في ص 182 يقول سعيد عن مشوار الفارس من (المعلّقة) إلى صفد، (يُبَيِّتُ دهماءه عند كنج طافش في الصّيرة على عين البيضا فوق ميرون، كما في كُلّ مرّة)، أمّا المرحوم أبو هشام فقد خَصّ كنج طافش بحكاية: (عمّي كنج)، الاتّحاد 19 /1 /2018 بها نفس التّواصيف وأكثر عن درب الخيط، هذا ليس تخاطُرَ فحسب، بل هو المنهل والبيئة والإيحاءات، وبودّي أن أنَوِّهَ، سيرة وانفتحت، بين محمد الشّيخ ومحمد الكاتب، يوجد بينهما، على الأقلّ، محمد نفّاع ثالث لا يقلّ عطاءً عنهما، الخطيب/الكُتّاب الذي قدم من الشّام ليكون خطيباً معلّماً في حرفيش نحو عام م1930م .
في رواية ورد الشّام تتشابك وتتلاحم اللهجات المحكيّة بين الجبل وشمال فلسطين: ص94: يا بْنَيْتي يا إمّ حمد، خَيْتي يا تُركيّة وين رُحْتُن، أنا سليم يا -مَرْةْ خَيّي، أذُكْري يا بْنَيّتي...،
حتى أسماء الفرى تتشابه هناك وهنا مثل: بيت جن الشّام وبيت جن فلسطين، المزرعة، سعسع، العانات صاحبة البيرق الخفّاق، والعانة هنا التي أصبح اسمها اليوم (كريات اونو)، والعانة هي من آلآلهة الكنعانيّة، إحْمد طافش القَدّسي وإحمد طافش الجَنّاوي، يتعمّد أبو علاء عدم التّمييز كتابيّاً بين الحرفَين: ض-ظ، كما نلفظهما في نفس المَخْرَج ص89:
-بَيّي الزّاد حاظر!
-فوتي يا بنتي سَلّمي... ظيوفنا مو غْراب!
السّردُ أحياناً يتقاطع مع مشاهد (باب الحارة) العقيد وبطولاته ومواقفه الحازمة، شِكْلين ما بَحْكي! والعقيد عند سعيد هو سلطان الثّابت الشّهم، وحنان ولميا في الورد/ وأم عصام وأمّ بشير في المساندة والدّعم للجبهة الخلفيّة والزّغاريد ومعالجة القضيّة وتهريب السّلاح للفلسطينيّين.، وتعليق صورة الباشا في بيوت حارة الضّبع.
تعود بي ذاكرتي المُتآكلة إلى عام 1954 حين ثار المعروفيّون على غطرسة الشّيشكلي، كُنّا مجموعة من(السّواعير)، جيل المُراهقة، نَلِفّ وندور في شوارع حرفيش الترابيّة، يتقدّمنا شيخ وقور (أبو أمين عبد اللة حسن نصر الله)، ينظم الشّعر، يقرأ شطرة ونُردد بعده بأصوات تعانق عنان السّماء: عالي يا جبن حوران، مِن فوقَك ما يْمُرّ الرّيح، إلاّ بْأمْر مْن الطّرشان...
يفتح سعيد جروح وقروح تهجير بلدة المْطِلّة 1896، الجاعونة، قدس والغدر بالشّيخ علي الحجّار، والأصيلة التي تعود للبيت ثكلاء.
عُدْتُ إلى مُكَيْتِبَتي: كتاب تاريخ حاصبيّا وما إليها/غالب سليقة 1996، به تفاصيلُ كثيرة عن المطلة وجوارها، تشبه لِحَدٍ ما تفاصيل سعيد.
كما عُدْتُ إلى كتاب عبري عن المستوطنات العبريّة الأولى في البلاد، ومنها المطلّة التي أقيمت على أرض الدّروز المُهَجَّرين عنوة عام 1896 ، عنوان الكتاب:(لِخو فانِليخا:إذهبوا ونذهب) صدر عام 2004 / الكاتب ران أهرونسون، التّفاصيل تكاد تتطابق مع تفاصيل سعيد.
ولا يبخل علينا الرّاوي بتسجيل بعض الجوفيّات، نسبة لمنطقة الجوف في جزيرة العرب، وهذا لون شعري عاميّ خاص انتقل إلى جبل العرب ص 17 :
هيه هيه يَلّلي راكبين عْلى السّلايل/ فوق ظُمّر يَمّ طرفا ناحرينا/
سلّموا عَرْبوعنا وْقولوا لَهايل/ بِ الهويجا ثارِنا حِنّا خَذينا/
أمس بو صيّاح دنا للرحايل/ سالِ دَمّو خالط سوق المنايا/
رَبْعنا لَ اعتلوا ظهور الأصايل/ لَرْض طول وْعرض ترجف لومينا/
رْجالِنا بالكون يشفوا الغلايل/ وِالعَدوّ نيجيه وْما ييجينا/
ضيفنا نِقْريه لَحْم الظّان حايل/ نِشْبِع الجوعان لو شَحَّت سْنينه/
الكرامة والمروءة والمراجل كارنا/ مِن زادنا قبل ما حِنّا لِبينا/
والرّاوي سعيد لا ينسى ألإشارة إلى اسماء المواقع والقُرى والأبطال الذين وردتْ أسْماؤهم في هذا النّصّ وغيره، ويُحدّثنا عن التّنافُس الشّهم بين مَن يحمل بيرق بلدته، وهو الأـكثر تعرّضاً للاستشهاد حيث موقعه في طليعة الكتيبة، وقد استشهد خمسة إخوة الواحد تِلْوَ أخيه تباعاً، من بلدة القْرَيّة(بلد العقيد) من آل غزالة ص 70 ، في نفس المعركة ضدّ المُغْتَصِب اديب الشّيشكلي، وفيما بعد لاحقه الشّهم نوّاف غزالة إلى البرازيل 1964 واغْتاله، وهذه هي الشّهامة وافتداء الوطن بالأرواح، وغنيُّ عن القول أنّ بيرق فلسطين كان حاضراً في كافّة معارك العِزّة والكرامة، وحين تستظهر الجدّة قصيدة ابن بلدها وديع تلحوق ص 76 :
- أين اسبارطة وما... قيلَ عنها وَرُدّدا/
ويسأل الحفيد: وْشو هاي إسبارطة؟
-طَبِّقْ حَنَكَكْ! شو لازم أعرف كُل شي! وهذه من جملة التّوابل والحوايج والبهارات التي يُبَهِّر سعيد بها روايتَهُ، وَقِسْ على ذلك الكثير من البهدلات المحلّيّة المألوفة، والجدّة هازلة لا تقصد ما تقول.
ص126 في عنوان: وَدّوا اخباري مكاتيب مْحَرَّفة، حوار بين العقيد وثُلّة بيرق فلسطين واحمد طافش وفرسانه:
-العقيد: وين سليم؟
/هَيْني يا باشا!، الباشا مخاطباً أحمد طافش: يا عَمّي يا احمد كفّيتوا وْوَفّيتوا... خوذ رْبوعك وارجعوا على فلسطين!
-أقَلّ الواجب يا باشا.. ما فيه فَرِق!
-أخبار فلسطين ما تْطَمّن.. هي الخاصرة من الجسم، لكنّها مو أرْخَص!
هنالك تخاطر كثير بين الكاتبَين محمد علي طه وسعيد في روايتَي: عين الزّيتون وورد الشّم، لا يغفل فيها سعيد ذكر بلدة عين الزّيتون المجاورة لبيرية، أحمد ينقل سكناه للعين المجاورة لبيرية مسقط راس زوجته، وكذلك المرور على معظم قُرى الجيرة، أصَرّتْ القرينة لميا على أن يبقى بيت بعلها مفتوحاً حتّى لو غاب عنه في مهامّه الكثيرة، وتخاطرُ آخرُ بين سعيد ووليد الخالدي( كي لا ننسى) ومع جميل عرفات المشهداوي (قرانا المُهَجَّرة في الجليل) وكذلك مع الذين أرّخوا لقراهم، لكلّ منهم نهجه ومنظاره ومساهمته، وفي هذا إثراء كبير لما حصل فبل وبعد النّكبة، وحين يسقط الشّهيد يتولّى الرّفاق غسل الجثّة، إذا اقتضى الحال ويكون دور النّدب ص 131 :
وَدّوا خْباري على البلاد مْحَقّقة/ وَدّوا اخباري مكاتيب مْحَرّقة/ لَلْعَبِد قْلوبْنا وِعْيونّا مْطَوِّفة/ والله الأصيلة أمانة مْصَدّقة/
وتتلوها قفلة أخرى بحزن واسىً شديدَين:
يا خْواني وابكوا علَيّ/ وْهيجوا الدّمعة السّخيّة/
رايِحْ بغيبة طويلة/ بْخاطْرِكْ يا دار بَيّي/
رايح بغيبة طويلة/ وْصارت احوالي ثْقيلة/
ضاع فكري مع دليلي/ وْحامَتْ فوق راسي المْنِيّة/
ولن ينسى سعيد الحديث النّبوي العطرص 136:
(الخيل معقود في نواصيها الخير يوم القيامة)
مياسة تُعانق الفَرَس الثّاكل التي استشهد فارسها، وتتحدّث عن أختها تُرْكِية: وأمّا أختي تركيّة فَزَغْرَدتْ وأقبلت نحونا، لوهلها اعتقدتْ أنّها مُقبلة لتعانقني مُهنّئةً إيّايَ بالسّلامة، وإذ بها تُعانق الفرسَ، تَشِمّها وتُمطرها دامعة بِقُبَلٍ إنّما تقع قُبلُها، وبدأت دموعها تنسال مدرارة ومن خلال كلمات تخرج متلاطمة: راح قاسم يا دهمة..وْمين يْعَلّقْلِك ْيا حسرتي بعد ما راح.. ، في دفتر الجّدّ يحدّثنا عن الجاعونة، طبقاً لمصدرعبري ص 144 :
كان عدد السّكّان شي 930 نسمة، منهم555 سُنّي و375 دروز، وحين يعود علي لينهل من ينابيع جدّته تاريخاً مُعَتّقاً تبادره:
-وين إيدَكْ فاظة؟
-رُحِتْ أدوّر في الكتب ولقيت الّلي قُلتيه عنها صحيح..
-وّلا يا ابن ّالكلب.. شو أنا ولاّ ْبَيّي كذّابين! (طبعاً هي لا تقصد التّجريح، أتّما من باب المداعبة المألوفة) / ن ن/
- لا سِتّي، لإستي وْجِدّي على الرّاس والعين.. دفتر مذكّرات الجد( المدحوش في السَّبَتْ) غَنِيُّ ثَرِيُّ بالمذكّرات والحكايات، مَعين لا ينضُب، وان كانت حوافّه مُتَآكلة وتكاد لا تُرى أحياناً لاستعمال قَلَمَي الرّصاص والكوبيا، واصْفرّت الأوراق جرّاء التّعتيم ومدار السّنين.
حديث مُطَوّل عن عرس الياس الجشّاوي ص155، الحدّاؤون: محمود العلي الفهيدة الجنّاوي، عبد الخالق الصّفصافي.. حادي البلاد اسمه الحطّيني لا قُدّامه ولا وراه، لكنّه كان طفيخ، صاحب الرّدّة المشهورة:
أنا الحادي الحطّيني/ إعوَر بعيني اليميني/ والصّفصافي المسسكيني/ لَخَلّي عيونَك تِقْدح نار.
ولا تنسى الجدّة الموقّرة بعزّتها وعهدتها وجعبتها لتضيف من حيثيّاتها ما يلفت النّظر والبصر: إمّ الحطّيني كانت يهوديّة، وكان قبالو حادي من المْجيدِل، كمان إمو يهوديّة وْإعور في عينو الشّمال، وْمن طفاخته طِلِع له مرّة:
أنا الحادي الحطّيني/ أعور بعيني اليميني/ وانتَ أعور بِ الشّمال/
اخوالي واخوالك يهود/ إخ تْفِ عَ هيك خْوال.
ألجدّة الحكواتيّة ولهجتها المحبّبة الخفيفة الظّل مع حفيدها، ولا تقصد ما تقول ص 164 :
استغنيت يا ابن الكلب...ها، يا مقصوف الرّقبة، بِتْلَمّح يعني انا كذّابة؟
لا ستّي انتِ سِتّ السّتّات.
-طيّب شو بَدّكْ، هذا بَيَّكْ ما مْخلّي شي حتى كاتبه.. لكن... حكا لكْ شي عن مشوار قَدَس...كاتب عن الدّهمة...
هؤلاء الأبطال: أحمد القذسي الزّيتوني والقرينة لمياء البيريّة ولقاء الصّدفة على العين، الأسرة التي تشتّتت بين إربد وبقاع الشّام والنّهاية المأساويّة، رفاق السّلاح، الجنود والجنديّات المجاهيل،، العقيد/سلطان، الحاج أمين الحُسيني/المفتي السّخيّ النّديّ والتّبرع الفوري ثلاثة ألاف ليرة ذهبيّة، عدّاً ونقداً وشِنْدِيّاً ليلاً، دفعة أولى على الحساب من المجلس الإسلامي الأعلى، من البنك العثماني المقدسي، سكرتير المجلس هو الشّهم اللبناني الفلسطيني عجاج ، وناديا وبيان نويهض، دكتور نايف حمزة مؤسّس ومدير المشفى، مشفى حمزة 1935 -1948 ( مشفى رمبم حاليّاً)، وبيته الذي ما زال شامخاً في حيفا، شارع الفُرْس1 ،واشترى بعض شُققه من شركة(عمي دار) إخوة عرب أمجاد يُحافظون على فنّه المعماري الأصيل، الفصائل المنضويّة تحت لواء الباشا، الالتحام السّوري الفلسطيني، لا فرق بين، سُنّي، شيعي، درزي أو مسيحي، إلى السّلاح معاً، الدّين لله والوطن للجميع، لكافّة الشّهداء الرّحمة، قد تطول، الاقتباسات مع المتاهات والمسارات والدّوريّات والكبسات الليليّة، معركة الجاعونة خير دليل على ذلك، سعيد يتوقّف في استراحة المحارب ليقول ص 218 ، تحت عنوان المغفرة: هذه هي خلاصة حكاية ورد الشّام والكفّ الأخضر لي، أنا علي ابن ابنها، وأشهد أنّ جدّتي ورد الشّام بكت بكاءً مُرّاً عند نهايتها...مرّة على لسانها وأخرى على لسان سليم بَيّها...
لن أجامل سعيدَ ولا القرّاء، هذه رواية، ملحمة، نكبة، درامة، سَرْدٌ وَشهد ووجْد وًجدّ وجهد، تضاهي روايات جرجي زيدان: فتح الأندلس المملوك الشّارد، غادة كربلاء وغيرها، هي بحاجة ماسّة إلى مَسْرَحة، مُخرج أصيل وممثّلين/ات جادّين، وهؤلاء كُثر بيننا، والّلي سبق شَمّ الحَبق، تحيّة أخويّة للروائي المُبدع، ولكافّة أفراد أسْرته من أحياء وأموات، ومن سار على الدّرب وصل.
ياسمينُ الشّام وَوَرْدُ الشّام، والمَجْدُ للهِ في العُلا
وعلى الأرض السّلام، وفي القلوب المَسَرّة.