"في كل مرة تُقال فيها إن غزة صغيرة، يثبت العالم — دون قصد — أنها أكبر من أن تُختزل في المسافة بين بحرٍ وجدار. إنها المكان الذي تُعرّي فيه المواقف، وتُختبر فيه القوى، وتُكتب فيه الموازين الجديدة… ومن يتجاهل ذلك، لا يعاني ضيق الرؤية، بل ضيق الفهم." غزة اليوم ليست مجرد ملف إعادة إعمار. إنها سؤال مفتوح أمام العالم: هل ستُعاد إعمار الإنسان قبل الحجر؟ أم ستتحول الفرصة إلى فصل جديد من فصول التنافس الدولي؟ والأهم: هل سيسمح العالم للفلسطينيين بأن يكونوا صانعي القرار في مستقبلهم… أم سيكتفي بكتابة مستقبله على أرضهم؟ م. غسان جابر - قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية. ..." />

















اهلا غزة… حين تتحول الجغرافيا الصغيرة إلى مرآة كبرى للنظام العالمي بقلم : المهندس غسان جابر > "ليست الجغرافيا هي التي تصنع الأهمية، بل البشر الذين يصرّون على البقاء مهما اشتدّ الظلام." في عالم يموج بالتحديات والتحولات، برز ملف إعادة إعمار غزة كأحد أكثر الملفات حساسيةً، ليس فقط بسبب حجم الدمار، بل بسبب حجم الأصوات التي تتزاحم على باب هذا الملف. تساؤلٌ يتردد في عواصم كثيرة: الجواب كما يبدو: نعم، وبشكل قد يفوق توقعات كثيرين. الصين… بين رؤية إنسانية وطموح استراتيجي الصين تدخل النقاش حول غزة بثقة هادئة، تقدم نفسها كقوة مسؤولة تسعى إلى التنمية والاستقرار. وبين الإنسانية والطموح، تحاول بكين أن توازن خطواتها، وأن تبقى جزءًا من الحل دون أن تتحول إلى عنصر خلاف. الولايات المتحدة… دعم مشروط وحذر استراتيجي الولايات المتحدة تعلن دعمها لإعادة إعمار غزة، لكنها تفعل ذلك ضمن إطار صارم من الملاحظات والاشتراطات. واشنطن، رغم حرصها على المساعدات الإنسانية، تراقب كل خطوة بدقة، وتعتبر غزة أحد ميادين المنافسة الصامتة بينها وبين بكين. إسرائيل… البوابة الأساسية لكل قرار في خلفية المشهد، تظل إسرائيل هي الطرف الذي يمتلك مفتاح الدخول والتنفيذ. القيادة الفلسطينية… هل تمتلك القدرة على ترجيح الكفة؟ رغم التعقيدات السياسية، تظل القيادة الفلسطينية طرفًا لا يمكن تجاوزه. السؤال ليس فقط: هل يملك الفلسطينيون خيارًا؟ غزة… هل هي مؤثرة إلى هذا الحد؟ نعم. لقد تجاوز تأثير غزة حدودها، وأصبحت رمزًا تُقاس من خلاله صدقية السياسات الدولية، وجدّية القوى العالمية في دعم الاستقرار الحقيقي. نقول > "في كل مرة تُقال فيها إن غزة صغيرة، يثبت العالم — دون قصد — أنها أكبر من أن تُختزل في المسافة بين بحرٍ وجدار. غزة اليوم ليست مجرد ملف إعادة إعمار. والأهم: م. غسان جابر - قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية.
فغزة — بكل تفاصيلها الصغيرة — باتت اليوم نقطة تقاطع بين طموحات دول، ومخاوف أخرى، وتطلعات شعب يريد فقط أن يعيش بكرامة.
هل يمكن لقطاع محاصر، محدود المساحة، أن يتحول إلى ساحة تُعيد تركيب ميزان القوى العالمي؟
هي قوة اقتصادية عملاقة تمتلك خبرة هائلة في إعادة الإعمار، وتعرض مشاريع بنية تحتية جاهزة للتنفيذ، لكنها في الوقت نفسه تُدرك أن أي خطوة في غزة ستكون تحت عين أميركية لا تنام.
فهي تريد إعادة الإعمار، لكنها تريده بطريقة لا تمنح الصين نفوذًا إضافيًا، ولا تخلق وقائع جديدة على الأرض قد تؤثر على الأمن الإسرائيلي أو توازنات المنطقة.
فأي مشروع، سواء كان إنسانيًا أو اقتصاديًا، لن يتحرك دون موافقة أمنية إسرائيلية واضحة.
وهنا تتعقد الصورة: فهل ستقبل إسرائيل بدور صيني كبير؟
وإلى أي مدى ستسمح بوجود لاعبين دوليين آخرين يشاركون في رسم ملامح غزة المستقبل؟
فهي — باعتبارها صاحبة الشرعية الوطنية — تستطيع أن توجه بوصلة المانحين، وأن تفرض رؤيتها لإعادة الإعمار، إذا ما أحسنت إدارة اللحظة، ووضعت المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.
بل: هل سيتم منحهم مساحة اتخاذ القرار وسط ازدحام اللاعبين الدوليين؟
غزة ليست مجرد جغرافيا صغيرة.
إنها قصة إرادة، ومركز اهتمام عالمي، ونقطة اختبار حقيقية لمدى قدرة القوى الكبرى على التعاون أو التنافس.
إنها المكان الذي تُعرّي فيه المواقف، وتُختبر فيه القوى، وتُكتب فيه الموازين الجديدة… ومن يتجاهل ذلك، لا يعاني ضيق الرؤية، بل ضيق الفهم."
إنها سؤال مفتوح أمام العالم:
هل ستُعاد إعمار الإنسان قبل الحجر؟ أم ستتحول الفرصة إلى فصل جديد من فصول التنافس الدولي؟
هل سيسمح العالم للفلسطينيين بأن يكونوا صانعي القرار في مستقبلهم… أم سيكتفي بكتابة مستقبله على أرضهم؟
...