X أغلق
X أغلق
الطقس
° - °
ترشيحا
° - °
معليا
° - °
بئر السبع
° - °
رام الله
° - °
عكا
° - °
يافا
° - °
القدس
° - °
حيفا
° - °
الناصرة
اسعار العملات
دولار امريكي
3.445
جنيه استرليني
4.1949
ين ياباني 100
2.5079
اليورو
3.6240
دولار استرالي
2.3021
دولار كندي
2.5184
كرون دينيماركي
0.4872
كرون نرويجي
0.3437
راوند افريقي
0.1994
كرون سويدي
0.3316
فرنك سويسري
3.6639
دينار اردني
4.8531
ليرة لبناني 10
0.0228
جنيه مصري
0.1398
اعلانات يد ثانية
تصفح مجلدات وكتب
الاستفتاء
مواقع صديقة

طقوس الزبل والحرائق

admin - 2025-11-13 10:05:50
facebook_link

اهلا

الكبسولة السابعة والخمسون
طقوس الزبل والحرائق
تسوقني حوائج الدنيا، بين الحين والحين، لأن أفرّ من عملي الجامعيّ الروتينيّ إلى بعضٍ من قرانا ومدننا: أزور طبيبًا متخصّصًا، نشتري نخالة القمح للخبز، نفطر فطورًا إفرنجيًّا في مطعم عربيّ، نبحث عن عجّانة مهنيّة خاصّة، نشتري البرغل الناعم والخشن، نؤدّي واجب التعزية هنا وهناك، نُحلّي أرياقنا ببوظة عربيّة أصيلة، نشتري بهارات خاصّة للكبّة، نقضي ساعتين في مشتل... والحوائج لا تنتهي. أفرّ فأشمّ وأرى. أرى الزبل في الشوارع البرّانيّة والجوّانيّة وعلى أطراف البلد وقرب السهول وعند مداخل كروم الزيتون.. حين تزور أحدهم في بيته تجده نظيفًا يلمع لمعًا، وحين تخرج وتبتعد قليلًا تجد زبله وزبل غيره منثورًا في كلّ اتّجاه! يفرّقون عندنا بين المكان الخاصّ والفضاء العامّ على نحوٍ معيب مُخجل.. قبل شهر عرّجت على صندوق البريد. جمعت كلّ محتوياته. كان جنبي ذكرٌ أربعينيّ مربوع أخذ حزمة كبيرة مكدّسة من صندوقه. ركب سيّارته وتبعته بسيّارتي. أخذ يفتح مغلّفاته يقرأها ثمّ يلقي بها واحدًا تلو الآخر من نافذة السيّارة إلى الشارع. كلّ بضعة أمتار يرمي هذا التيسُ مغلّفًا. عددت عشرة مغلّفات من حيث كنّا أوّل البلد حتّى بيتي ثمّ أكمل هو طريقه إلى بيته. وأظنّ أنه رمى عشرة أخرى مثلها حتّى وصل!
هذا المقال توليف هجين من بعض المقالات التي نشرتها في صحيفة الاتّحاد قبل سنوات عن ثقافة الزبل عندنا. أنشره هنا مثل إخوته السالفين.. للزبل في بعض قرانا ومدننا رائحةٌ نفّاذة تسرق النوم من عينيك فتفيق من عزّ النوم هلوعًا كالمقروص على رائحة سُبّاط قديم ورأس عجل مذبوح دلع كلّ منهما لسانه على راحته، ومصارين دجاج مدلوقة اختلطت بالريش المنتوف والأرجل المقطوعة، وغنمة لم يلحقها صاحبها ففارقت الحياة وانتفخ بطنها ورفعت يديها ورجليها إلى السماء، وعَجَل سيّارة سوبارو مهترئ، وكرسي من البلاستيك بثلاث أرجل، وفرشة صبيّ مفردة مبقورة في وسطها غطّتها بقع البول اللاإراديّ الليليّ، وكوم من الحفاظات العامرة بمحتوياتها... وماذا أيضًا؟ كلّ ما يخطر ولا يخطر لك على بال لتتشكّل بالتالي خلطة خاصّة بنا نحن وحدنا، لا نسمح لأحد أن يسرق معاييرها ومقاديرها منّا ولو بطلوع الروح. يأتي الواحد منّا بشيء من زبالته يلقيها على قارعة الطريق، ويأتي الثاني والثالث، يتجمّع الزبل ويتكوّم، يسدّ طريقنا، يخنق زيتوننا، فيأتي أحدهم ويأخذ على عاتقه أن يخلّصنا من زبلنا من أساسه فيشعل النار فيه، فالزبل لا تأكله إلا النار. وفي دقائق معدودات تتحوّل البلد إلى مشحرة ضخمة، تشحّر معيشتنا وتسوّد عيشتنا.. وهكذا أخذت أفكّر بجدّية بإعادة ترميم البيت من جديد حتى يصير محكمًا مثل مفاعل نوويّ لا يدخله الضوء ولا الهواء.
والغريب العجيب أنّ من يقوم على رعاية هذه الطقوس إنّما يفعلها جهارًا نهارًا، دون أن يجرؤ أحدٌ على محاسبته. في عزّ النهار يقتحم عليك نومك وقومك وأكلك وشربك وحِلّك ومُرتحلك، ويفضّ سماءك وأرضك، تمامًا مثلما يحرق عرضك وطولك، لا يُبقي منك شيئًا ولا يذر! يظلّ يحرق أعصابك ويقطع أنفاسك حتى تلعن اليوم الذي ولدتك فيه أمّك. هكذا على الملأ والناس يشهدون ويتمتمون بصمت! لا يحاصره ضميره الغائب والمستتر ولا يستحيي من نفسه ولا جاره ولا أهله وناسه ولا يخاف ربّه ولا يرعى حرمة أرضه ووطنه. هكذا في وضح النهار يخنق أنفاسنا ويلوّث شوارعنا وأرضنا وهواءنا.. والويلُ ويلُك إن أنت تسأله السؤال!



مواضيع متعلقة
اضف تعقيب

اسم المعلق : *
البلد :
البريد الالكتروني :
عنوان التعليق : *
التعليق الكامل :
تعقيبات الزوار
مواقع اخبار عبرية
مواقع اخبارية عربية
مواقع اقتصادية
مواقع رياضة
بنوك
راديو