















اهلا بَرَكَةُ نصفِ قرن... شكرًا على كل ما قدمت
اسعد تلحمي
يوم السبت المقبل، يختتم السيد محمد بركة أبو السعيد عشر سنوات في رئاسة لجنة المتابعة العليا للجماهير العرببة متممًا بذلك نصف قرن من العمل الوطني الريادي المتواصل.
تعرفتُ الى ابو السعيد، ابن بلدي، في جامعة تل أبيب أواخر سبعينيات القرن الماضي قياديًا شابًا في لجنة الطلاب العرب وخلية كامبوس اليهودية العربية التقدمية النشيطة. هناك وُضعت اللبنات الأولى لشخصيته القيادية، وتوجيه الحراك الطلابي نحو أهدافه، وتزامن النشاط مع صعود الليكود الى الحكم ولاحقًا الحرب على لبنان (1982- ضُربنا واعتُقلنا في المظاهرة وكانت الأولى في البلاد ضد الحرب). ثم تابع المشوار ناشطًا بارزًا في الحزب الشيوعي والجبهة، ثم سكرتيرًا عامًا للجبهة حتى انتخابه عضوا للكنيست عام 1999 (حتى العام 2015)، ليتولى بعدها قيادة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية (وبكل تواضع كنت من أوائل الداعين لانتخابه لهذا المنصب).
هكذا، على مدى نحو خمسة عقود، قطع صديقي ابو السعيد (وأعترف بكل فخر بتأثيره الكبير على مسيرتي السياسية) مسارا متدرجُا اتسمت مراحله كلها بالقيادة والريادة والتأثير.
عرفته قياديًا يتمتع بالكاريزما تبنّى أسلوبا براغماتيا يقوم على قراءة الواقع والتعامل مع تحدياته وملفاته المعقدة مشاركًا في صناعة توازنات دقيقة في محطات تحتاج إلى حكمة وذكاء، الى رؤية ورويّة، متمسكًا دائمًا بالثوابت الوطنية الراسخة التي شكلت بوصلته منذ بداية مسيرته.
بفضل رصيده الطويل من التجربة، نجح ابو السعيد، الى درجة كبيرة في صياغة حلول قابلة للتطبيق بدل الاكتفاء بالشعارات، وصناعة التوافقات، وإدارة التحديات الداخلية والخارجية.
هكذا يطوي ابو السعيد سجلًا فخمًا من العطاء والخدمة، نصف قرن من المراكمة الهادئة من العمل، ومن السير بين نقاط ما هو مرغوب وما هو مطلوب، فيما البراغماتية مهيمنة على شخصيته كأداة للتقدم خطوة بخطوة، وجسرًا بين المبادئ وحاجات المجتمع.
وخلاصة المسيرة: خمسون عامًا من العمل المتدرج من القاعدة إلى القمة، من النشاط الطلابي إلى القيادة الشعبية، ومن الحماس الأول إلى الخبرة المتزنة التي تصنع أثرا مستدامًا..
دمتَ بالف خير، متمتعًا بالصحة وهدأة البال مع عائلتك الكريمة.