اهلا: فوزي حنا حكاية بيت
..............
كان المربّي والأديب خليل السّكاكيني في السّادسة والخمسين، حين استطاع شراء قطعة أرض في القطمون. كان ذلك سنة 1934، وأكمل بناء بيته عليها سنة 1937، فتخلّص بهذا من بيوت الأجرة، وكان فرح العائلة كبيرًا، خاصّةً زوجته سلطانة، التي لم تطل فرحتها فقد فارقت الدّنيا بعد سنتين.
كانت عائلة المربّي الكبير آخر مَن نزح عن بيته مرغمًا في عام النّكبة، كان ذلك في الثّلاثين من نيسان، بعد أن أكملت قوّات الهاچاناه سيطرتها على الحيّ.
نزحت العائلة إلى مصر، وهناك مات المعلّم متألّمًا على فقدان ولده الذي مات في الغربة ووطنه وبيته ومكتبته، كان ذلك سنة 1953.
صار الوطن مشوّهًا والبيت من املاك الغائبين والمكتبة جزءًا من المكتبة القوميّة الإسرائيليّة.
عادت ابنتاه هالة ودمية إلى رام الله.
جمعت هالة المعلّمة، المولودة سنة 1924، اوراق والدها وكتبت هي نفسها كتبًا، لعلّ كتاب ذكرياتها الأكثر تعبيرًا عن ذاتها، عنوانه (انا والقدس)، كتبته بالإنچليزيّة ثمّ تُرجِم للعربيّة، وعن زيارتها وشقيقتها لبيتهما في القطمون بعد احتلال سنة 1967، تقول :
(كان لقاءً حزينًا، كأن تلتقي شخصًا عزيزًا رايتَه آخر مرّة وهو في عزّ الشّباب والصّحّة والأناقة لتجده وقد أصبح هرِمًا مريضًا ورثّ الثّياب، بل أسوأ من ذلك، كأن تلتقي صديقًا تغيّرت شخصيّته تمامًا، ولم يعد الشّخص الذي عرفتَه قبل أعوام).