اهلا- الصورة عن صفحة مخائيل نعيمة لولا هو ! ما كنت أنا ..!!
كان ميخائيل نعيمة صديقاً لجبران خليل جبران في مهجره ، وهذا ما دار بينهما من حوار يوماً وسجله ميخائيل أو ميشا كما كان يحلو لجبران أن يناديه : اعذرني يا ميشا ، اعذرني يا أخي وحبيبي ، ولا تسلني أن أفسر لك دموعي ، فالدموع لا تفسر بالكلام ولا تفيض إلا حيث يتعذر الكلام ، وأنت تفهم دموعي لأن بك وحدة كوحدتي ، ووحشة كوحشتي ، وحرقة كحرقتي ، وأنت تفهم دموعي لأنك تفرح مثلما أفرح عندما تعثر على روح تفهم روحك ، ما أصعب أن تعاشر الناس وتكلمهم بلغتهم فيحسبون أن لا لغة لك سواها ، وعندما تكلمهم بلغتك تجدهم لا يفهمون منها حرفاً وتجدك مضطراً إما إلى الصمت ، وإما إلى تدريسهم الألف والباء من هجاء لغتك . ميخائيل : أمن العدل يا جبران أن نلوم الناس ولا نلوم أنفسنا ونحن من الناس ؟ أم من العدل أن تتطلب منهم ما لا تتطلبه من نفسك ؟ أنت تطلب أن يفهمك الناس ، وقد يكون أنهم لا يفهمونك لأنك لا تفهم نفسك ، فهل أنت واثق من فهمك لنفسك ؟
جبران : لا لست واثقاً يا ميشا ، ومصيبتي في إنني أتكلم كما لو كنت واثقاً .
ميخائيل : لعل ذلك مصدر العواصف التي تجتاح وحدتك ، ومنبع المرارة التي تفيض من قلمك ، ومنبت التمرد الذي اتخذته قوساً لك ودرعاً ، فكم نتمرد على الغير جاهلين أننا لا نتمرد إلا على أنفسنا الجاهلة ، وكم تهب في داخلنا عواصف تجلو ما اكمدّ من آفاق أرواحنا فنحسبها آتية من الخارج لتعكر ما صفا من آفاق أرواحنا ، أو لا ترى أن ما نخبر عنه بأقلامنا ليس إلا زبداً يطفو على وجه حياتنا ، أما أعماقنا الساكنة فلا تدركها أقلامنا ؟.
كلمة أخيرة : جبران : هو ذا الأفلاك يا ميشا بما فيها من أجرام لا تحصى ، لكل جرم دورته وسبيله ، وكلها يدور حول جرم واحد فيؤلف عالماً واحداً ، وهذا العالم يدور حول ذاته وحول عالم سواه ، والعوالم كلها تؤلف عالماً واحداً كاملاً ، كلنا دورات في دورات ، وكلنا ضمن دائرة الحياة الكبرى .
ميخائيل : فما أجهلنا يا جبران نرضى بأن ندور دورتنا وننكر على سوانا بأن يدور دورته ، ولولا دورة سوانا لما كانت لنا دورتنا .
(أبو لقاء العورادي)