
















اهلا عبلين المجد... عندما تُصبح البلدة قصيدة حين يكتب زهير دعيم عن عبلين، لقد قرأتُ "عبلين المجد" فسمعتُ تراتيل، نصّه ليس وصفًا لعبلين، بل انغماس في روحها، زهير دعيم يُحبّ بعيني طفلٍ يرى الأشياء للمرة الأولى، يقول: نصّ زهير دعيم يستحق أن يُقرأ ببطء، وهنا تكمن فرادة النصّ: زهير لا يبحث لعبلين عن مظاهر المدن الكبيرة، ككاتبة فلسطينية أؤمن بالمكان كامتداد للروح، زهير دعيم قدّم لنا نصًا لا يُقرأ فحسب، *تحية لعبلين التي أشرقت بحروفه، رانية مرجية
قراءة جمالية وجدانية في نص الأديب زهير دعيم
بقلم: رانية مرجية
لا يكتب عن بلدة في الجليل فقط،
بل عن امرأة من نورٍ وطين،
عن فسيفساء من البساطة والكرامة والقداسة،
عن بقعة لا تشبه إلا ذاتها.
ورأيتُ أيقونة تتهجّى الأرض بلغتها الأم،
وشعرتُ بأنّ زهير لم يكن يكتب، بل كان يُصلّي.
هي ليست خلفية شعرية، بل بطلة تتقدّم،
تنهض من بين السطور،
وتفتح ذراعيها كما تفعل الأمّهات حين يعدن الأبناء من التيه.
ويكتب بعقل شاعر يرى الذاكرة استمرارًا للجغرافيا.
هو لم يكتفِ برسم لوحة، بل جعل عبلين نفسها الريشة واللون واليد.
كلّ صورة في نصّه، مشبعة بالجمال الخام:
جبال، تلال، وديان، شمس، عاصفة، وكنائس،
لكنها لا تأتي كزينة لغوية، بل كملامح هوية حيّة نابضة.
"أعشق سهولك وواديك وتلالك السمراء التي مرّ فوقها يسوع."
كم هو نادر هذا العشق الذي يرى في التفاصيل مقدّسًا،
وفي الأرض حكاية لا تخضع للخرائط ولا للحدود،
بل فقط للإيمان العميق بأنّ المكان ذاكرة لا تموت.
أن يُتأمل كما تُتأمل الجداريات القديمة في كنائس الجليل،
وأن يُحفظ كما نحفظ أسماءنا الأولى…
لأنه لا يمدح بل يحنّ،
لا يجمّل بل ينتمي،
ولا يصف عبلين كزائر، بل يحتضنها كابن وفيّ.
بل يرى عظمتها في كونها "تحتضن الحضارة في ثوب من الأصالة"،
وفي أنها لا تملك قصورًا، لكنها تملك ما هو أسمى:
الناس، البسطاء، الكادحين، الطيبين،
الذين يجعلون من التراب صلاة، ومن الزعتر نشيدًا،
ومن عرق الجباه تاجًا لا يسقط.
قرأت عبلين زهير دعيم كما قرأت الرملة في قلبي،
ورام الله في صوتي،
فوجدتُ فيها نبضًا يشبه الوطن الذي نحلم به:
متجذرًا، جميلًا، شريفًا،
لا يتكلّم كثيرًا،
لكنه حين يتنفّس… يملأ الدنيا شعرًا.
بل يُلامس ويُشَمّ ويُعانَق،
نصًّا يُمكن أن نعلّقه على جدران القلب،
كما نعلّق صورة أمّنا الأولى.
وتحية لقلبه الذي لم ينسَ أن الحبر قد يتحوّل صلاة،
حين يُكتَب بمحبة صافية لا تشوبها الحاجة إلى التصفيق.*
كاتبة وشاعرة فلسطينية
الرملة – أيار/مايو 2025