اهلا
فيما تواصل الحكومة توسيع رقعة الحرب، وعلى وقع التأييد واحيانا المزاودة عليها من المعارضة الصهيونية، يستمر جرّ الجنود الشبان لتنفيذها َوبالتالي خدمة بقاء حكومة الاحتلال والاستيطان والتوسع. وسيعود هؤلاء منها للاصطدام بالواقع الاقتصادي والمعيشي القاسي، الذي لم تزده الحرب العدوانية إلا صعوبة، وخصوصا على شريحة الشباب.
وللأسف، فإن مكائد وماكينات الديماغوغية الرسمية تُبعد عن مركز الجدل، على سبيل المثال، حقيقة أن 70% من الشباب في إسرائيل غير قادرين اقتصاديًا على شراء شقة سكنية، وأن هذه الشريحة السكانية تدفع مقابل استئجار الشقق ما يفوق الـ 40% من دخلهم الشهري.
المعطيات التي تعكس تعمّق أزمة السكن عرضت خلال جلسة في الكنيست للجنة الخاصة لشؤون الشباب. وهي حصيلة دراسة تستند على البيانات الرسمية المختلفة. وتم الإقرار بأن "أحد أصعب التحديات في إسرائيل اليوم للشباب والشابات، وللعائلات الشابة، هو دفع تكاليف استئجار الدور" ناهيك عن شرائها. وتقر السلطات بأن هذا الحال يؤدي إلى"واقع اقتصادي معقد ومركب يجعل من الصعب على الشباب خلق الاستقرار المالي والشعور بالأمان".
إن الحكومة الحالية وسابقاتها حين تتعنت على سياسات الحرب والعنف وترفض اي درب ومسار بديل، يقوم على التفاوض والتسويات واحترام الحقوق التي تنص عليها كل المواثيق الدولية، فهي تفعل ذلك أيضا بدماء وسلامة وحقوق ورفاهية عيش ملايين الشباب الإسرائيليين، الذين يتم تجنيدهم لفرض الأمر الواقع الذي يعيد انتاج الحروب وويلاتها، بعيدا عن مزاعم الدفاع وحماية أمن المواطنين الكاذبة التي تسوقها الأبواق المنتفعة، الحكومية والعسكرية والاعلامية المهيمنة.
وللأسف والغضب فإن هذه الأساليب ما زالت متبعة وتنطلي على غالبية المجتمع الإسرائيلي، الذي يواصل دفع الثمن باهظا، خدمة لمشاريع لا تمت للسلم والأمن بأية صلة. والمفارقة أن الثمن الأكبر تدفعه أجيال شابة يستخدمونها لتكريس مشاريع وسياسات ووقائع ليس فقط انها لا تحسن حاضرها، لا بل تمس وتهدد مستقبلها أيضا.
ان السبيل لتغيير الواقع المعيشي والاقتصادي وكل ما يتعلق بأمان وأمن المواطنين، يجب أن يمرّ بالضرورة في المنعطف الحتمي المطلوب، من عقلية وسياسة الحرب والتوسع والاستعلاء وخدمة مشاريع هيمنة امبريالية ورجعية، إلى سكة التفاوض والحوار والاعتراف بالغُبن والظلم الذي ألحقته تلك السياسات العدوانية بشعوب المنطقة، والشعب الفلسطيني خصوصا، وصولا إلى الاعتراف بحقوقه الوطنية والإنسانية العادلة والثابتة، وتطبيقها.