اهلا- زياد عيتاني-بيروت الضربة “المنضبطة” (3/3)… مكافأة أميركية لنتنياهو بضوء أخضر للتفاوض بالنار والواضح من خلال الاستجابة الاسرائيلية للرغبة الأميركية، أن لا يكون الرد الاسرائيلي “حاداً”، ما يدفع الشرق الأوسط إلى شفا صراع إقليمي شامل قبل أسابيع من الانتخابات الأميركية. فبينما دارت تكهنات بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد تضرب المواقع النووية الايرانية، كانت رسالة واشنطن إلى إسرائيل هي أنها “تستطيع الاعتماد على مساعدتها، إذا ما اختارت طهران ذات يوم صنع سلاح نووي، وهو الأمر الذي لا تعتقد دوائر الاستخبارات الأميركية أن طهران قد فعلته بعد”. ولهذه الغاية، أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن 12 مكالمة هاتفية مع نظيره الاسرائيلي يوآف غالانت منذ الأول من تشرين الأول، إذ ناقشا الرد المحتمل، وذلك بهدف أن يكون الرد الاسرائيلي “مناسباً”. ولفت أوستن إلى أن الخطوة الأولى التي اتخذتها إدارة جو بايدن كانت الاعتراف بأن إيران ستضطر إلى دفع ثمن الهجوم الذي وقع على إسرائيل، مع تأكيده أننا توعدنا إيران بعواقب وخيمة. وأجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصالات هاتفية مع حلفاء أوروبيين وعرب في الأيام التي أعقبت الهجوم الايراني، موضحاً أن إسرائيل ستضطر إلى الرد، لكنه أكد لهم أن واشنطن تعمل على الحد منه. تجاوب نتنياهو مع إدارة بايدن بأن تكون عملية الرد “تحت السقف المرسوم أميركياً”، وبالتالي تفاديه إشعال “برميل البارود” مع طهران، وكذلك تأجيل الصدام الموسع “وجهاً لوجه” إلى ما بعد انقشاع “الخيط الأبيض من الأسود” حيال من سيدخل البيت الأبيض في ضوء نتائج انتخابات الرئاسية الأميركية، جعله يحصل على ثمن باهظ من بايدن شخصياً بالحصول على ضوء أخضر بتوسيع منهجيته التدميرية في كل من غزة ولبنان، من خلال تفعيل المزيد من جولات القتل والتدمير الشامل و”التفاوض بالنار”، لحصد نتائج الاعتداءات العسكرية في غزة ولبنان على شكل تسويات وتفاهمات حول “اليوم التالي”، التي تريدها إسرائيل بشروطها كاملة، بحيث أنها ليست في وارد التراجع عن فرض وقائع تفاوض عليها “تحت النار” لحل بشروطها يُنهي الصراع “نهائياً”، وذلك بمعزل عن مآلات المواجهة مع إيران وما ستحمله المحاولة المتجددة لاستيلاد صفقة حول غزة ولبنان. في المقلب الآخر، فإن إيران تعتمد ما بعد الرد الاسرائيلي، التراجع خطوة الى الوراء، لكن مع دفع “حزب الله” خطوة الى الأمام على جبهة لبنان “بالوكالة عن الجبهات السبع”، لتمرير الانتخابات الأميركية. وهذا ما دفع “حزب الله” الى رفع منسوب عملياته ضد إسرائيل، ليشكل عامل ضغط في الميدان على العدو الاسرائيلي وعملياته البرية، ما تسبب في خسائر كبيرة في صفوف الجيش الاسرائيلي، بالتوازي مع انفلاشِ الغارات في شكلها “المتوحش” نحو مناطق لم يسبق أن تم استهدافها (مثل حارة صيدا)، في وقت يواصل شن غاراته التدميرية الكثيفة على قضاء بعلبك، مع مواصلة القصف المستمر على غالبية القرى والبلدات الجنوبية. الخلاصة، وحتى خروج “الدخان الأبيض” من “البيت الأبيض” إعلاناً عن سيده الجديد، سيبقى لبنان وغزة مساحة مفتوحة على مصراعيها أمام المنهجية التدميرية الإبادية الاسرائيلية، لتزداد حصيلة الدمار والموت في الوقت الضائع.
“نحن في خضم حرب وجودية طويلة وصعبة، تكلّفنا ثمناً مؤلماً ولكننا لن نتراجع، (…) ونحن نعيد كتابة التاريخ ونرد بحربِ وجود على 7 جبهات ضد إيران وأذرعها”. بهذا الكلام عقّب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على الضربة التي وجهتها تل أبيب الى إيران، رداً على هجومها الصاروخي عليها إنتقاماً لإغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية والأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله، ما يؤكد أنه يخوض حرباً يريدها “لمرة أخيرة” لاجتثاث ما تعتبره تل بيب التهديد “الأخطبوطي” (إيران وأذرعها) لوجودها، أو أقله إنتزاع الإستقرار والأمن للدولة العبرية لفترة زمنية مريحة.