اهلا-حسناء حرفوش -بيروت ما الذي يعنيه اغتيال السنوار للمنطقة؟
تباينت القراءات الغربية حول تبعات تصفية رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، يحيى السنوار، ما بين تصاعد التوترات أو التهدئة وتوفير فرصة للمفاوضات ووقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان.
رسالة جديدة إلى إيران
“فوكس نيوز” سلطت الضوء على الفارق الزمني ما بين استهداف السنوار والهجوم ضد الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصر الله، في إشارة الى ربط الجبهات، مع التركيز على أن “اغتيال السنوار كان محض صدفة بحيث لم يتم بغارة جوية وما كان بالإمكان إدراك وفاته لولا أن أحد الجنود لاحظ التشابه الكبير بين جثمان أحد الجنود والسنوار نفسه”. ويحمل هذا الفارق الزمني “الذي يبلغ 3 أسابيع رمزية خاصة خصوصاً في ما يتعلق بالرسالة التي يوجهها الى إيران ووكلائها في المنطقة. وتتمحور هذه الرسالة حول تمسك إسرائيل بتصفية كل القيادات في محور المقاومة في هذا الوقت الحساس الذي تشن فيه حروباً على أكثر من جبهة، والتأكد من تقليص قدرات وكلاء إيران في المنطقة”. وحسب مداخلة عبر “جي بي أن” نيوز البريطانية، “هذه رسالة واضحة لإيران خصوصاً بعد تعنت حماس ورفضها الالتزام بوقف إطلاق النار، ولكن هذا لا يعني أن التهدئة مضمونة، بحيث تميل الحركات الى التطرف أكثر وشن هجمات انتقامية بعد استهداف قادتها”.
وفي السياق نفسه، ركزت “جيروزاليم بوست” على الديناميكيات الاقليمية، معتبرة أنه سيتعين على إيران إعادة النظر في المعادلة. وحسب مقال في موقع الصحيفة العبرية، “إيران اليوم في موقف دفاعي. قد تخسر في لبنان؛ وقد تواجه الإذلال في الداخل. قد يتسبب موت السنوار في سقوط أحجار الدومينو الأخرى في الحرب الايرانية متعددة الجبهات. إن إبعاد بيدق السنوار عن رقعة الشطرنج الايرانية أمر مهم. والآن هو الوقت الأنسب لإطلاق النار على ملكة إيران في هذه اللعبة”.
رسالة إلى الداخل الاسرائيلي
ويوجه هذا الحدث الأنظار الى الداخل الاسرائيلي أيضاً في ظل إجماع على استثمار حكومة بنيامين نتنياهو هذه التصفية لإعلان “نصر استثنائي” على أساس “تصفية العقل المدبر لـ7 أكتوبر وأسامة بن لادن للاسرائيليين والرجل الذي أراد نتنياهو إظهاره كعدوه رقم 1”. وبالنسبة الى نتنياهو، تعيد وفاة السنوار إلى إسرائيل شعورها بالتفوق العسكري الكامل. ويعتقد البعض في واشنطن أن “إسرائيل ستتسلم زمام الأمور وتعلن النصر ولكن هل هذا ليس منطقياً طالما أن الأهداف التي أعلنت عنها لم تتحقق من إستعادة الرهائن واستسلام الحركات المسلحة وإبعاد حزب الله شمال الليطاني، وهذا يعني أنها ستستمر في الضغط على إيران ووكلائها في الشرق الأوسط حتى بعد مقتل السنوار”، حسب مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD).
“الآتي أعظم”
وتوقع المحلل باتريك كوكبيرن أن “اغتيال السنوار سيزيد الصراع عنفاً”، مشيراً إلى أن “الفلسطينيين قد يرون في ذلك كارثة لا تقل عما حدث عام 1948. وليس من الواضح إلى أي مدى يتمتع السنوار بسيطرة عملياتية مباشرة على قوات حماس التي تواصل القتال. ومع ذلك، لا تزال الحركة قادرة على خوض حرب عصابات متفرقة. ونظراً إلى القصف الاسرائيلي المتواصل الذي أسفر عن استشهاد 42 ألف فلسطيني، لن تجد صعوبة في تجنيد مقاتلين جدد. والسؤال الحاسم اليوم هو إلى أي مدى تعتبر تصفية السنوار بمثابة إنجاز في الشرق الأوسط؟ فإسرائيل لديها تاريخ طويل في اغتيال القادة الفلسطينيين، واغتالت أحمد ياسين في غزة عام 2004، لكن هذا لم يمنع حماس من الاستيلاء على الجيب الفلسطيني عام 2007.
عدا عن ذلك، على الرغم من أن السنوار نجح بالتأكيد في إعادة الفلسطينيين إلى قمة الأجندة الدولية، بعد سنوات من تهميشهم، فشلت خطته لأنه راهن على تدخل الولايات المتحدة لكبح جماح إسرائيل بعد أسابيع أو أشهر من القتال كما حدث في السابق. لكن هذه المرة حظيت إسرائيل بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من مناشدات الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار، تصاعد الصراع في غزة إلى حرب إقليمية.
السؤال الحقيقي اليوم سياسي وليس عسكرياً وعلى الرغم من أن مقتل السنوار يشكل نقطة انطلاق مهمة في الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، من المرجح أن يزيد هذا الصراع عنفاً”.
وهذا ما لفت إليه أيضاً فرانك غاردنر عبر “بي بي سي” اذ أوضح أن “مقتل السنوار لا يغير من حقيقة أن إسرائيل تخوض الحرب مع حزب الله وأن إيران لا تزال تمول محور المقاومة كما لا تنفي واقع أن الفلسطينيين لا يزالون من دون دولة”. ويتوقف الكثير على خيارات بنيامين نتنياهو في الأيام المقبلة ويرى البعض نافذة حقيقة لوقف إطلاق النار وإعادة الحسابات.