اهلا- سامي عيتاني-بيروت قاسم يبشّر ويطمئن ويفوّض “الأخ الأكبر” بالتفاوض في تحليل لحيثيات الخطاب، المتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لفتح “جبهة الإسناد والإشغال”، حرص قاسم بصورة أساسية على شد عصب جمهور الحزب وطمأنته، بعدما أصيب بكثير من الإحباط واليأس، جراء إغتيال الأمين العام وكبار القادة، فضلاً عن تبعات الحرب ووطأتها من تدمير وتهجير للجنوب والضاحية. كما كان واضحاً أن قاسم أراد توجيه رسالة واضحة في إتجاهات متعددة، تحديداً الى “مجاهدي” الحزب، الذين لا يزالون يتصدون للعدوان ويقصفون الداخل والعمق الاسرائيلي يومياً بمئات الصواريخ، بأن الحزب لا يزال متماسكاً، أعاد تشكيل بنيته القيادية والتنظيمية والعسكرية، في محاولة لشد الهمم ورفع المعنويات والتشديد على الإمساك بزمام القيادة والسيطرة المركزية. وفي المحور الثاني (الأهم، الذي شكل حجز الزاوية للخطاب)، وضع قاسم بين يدي رئيس مجلس النواب نبيه بري تفويضاً (قديماً – متجدداً) للتفاوض باسم الحزب على وقف إطلاق النار، بعدما أشاد بصورة لافتة بالعلاقة بين الحزب وحركة “أمل”، وبمكانة الرئيس بري بوصفه “الأخ الأكبر”، قائلاً: “حزب الله وحركة أمل على قلب واحد في السرّاء والضرّاء، وعلينا أن نكون متلاحمين، ونقول للأستاذ نبيه برّي أنت الأكبر بنظر الأمين العام السيد حسن نصر الله واعلم أنك الأخ الأكبر بنظر كل حزب الله وهذا أمر لا يمكن أن يتخطاه أحد”. وحول مسألة التفاوض، الذي مفتاحها بيد بري، أيّد قاسم “الحراك السياسي الذي يقوم به الرئيس برّي، بعنوانه الأساس وهو وقف إطلاق النار. وعلى كل حال، بعد أن يترسخ موضوع وقف إطلاق النار وتستطيع الديبلوماسية أن تصل إليه، كل التفاصيل الأخرى تُناقش وتتخذ فيها القرارات بالتعاون، ولا تستعجلوا على التفاصيل، والمبدأ لم ينته بعد”. ليس حدثاً عابراً تفويض “حزب الله” للرئيس بري بالتفاوض نيابة عنه بشأن وقف إطلاق النار بمعزل عن وحدة الساحات، فيما كان موقفه سابقاً يشترط ذلك بالتزامن مع وقفه في غزة على قاعدة “وحدة المسار والمصير”، ما يشكل تراجعاً جوهرياً في موقف الحزب بهذا الشأن، بعد إغتيال أمينه العام. مع العلم هنا، أن أوساط “حزب الله” سبق أن لمحت إلى أنه تم التوافق بين الحزب والرئيس بري قبل استشهاد السيد نصر الله، على أن يقوم بري بالتفاوض من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، لافتة إلى أن بري “بعد استشهاد السيد نصر الله، لا يزال يتابع التفاوض بالتنسيق مع قيادة الحزب، بهدف وقف إطلاق النار، وثانياً التوصل إلى حلول للأزمة السياسية”. أما بالنسبة الى المحور الثالث من الخطاب، الذي أكد من خلاله قاسم عمق العلاقة الاستراتيجية وثباتها مع إيران، فإنه أراد التوجه الى جمهور الحزب المستاء من “البرودة” الايرانية في مؤازرة “محور المقاومة”، و”حزب الله” تحديداً، بحيث أن هذا الجمهور غير مقتنع “برمزية” الرد الايراني “المدوزن” على إغتيال “سيد المقاومة”، واصفين إياه بأنه من باب “رفع العتب”. تبقى إشارة أخيرة في خطاب قاسم، قوله: “إن الحزب سينجز انتخاب أمينه العام الجديد وفق الآليات التنظيمية وسيتم الإعلان عن ذلك في حينه”، وذلك في دليل واضح على أن الموضوع بعد إستهداف السيد هاشم صفي الدين قد تم ترحيله، وهذا ما أشرنا إليه في موقع “لبنان الكبير”، بتاريخ 6 الجاري، بمقال حمل عنوان “…القيادة بين أن تكون جماعية أو يمارس قاسم صلاحياته”، فهل بدأ قاسم يمارس صلاحيات الأمين العام بالإنابة؟
“أبشركم أن القيادة والسيطرة وإدارة الحزب منظمة بحسب ما هو معمول به في حزب الله، وتخطينا الضربات الموجعة التي أصابتنا، وتم تأمين بدائل في كل المواقع من دون استثناء وليس لدينا موقع شاغر وكل المواقع مملوءة وحزب الله يعمل بكامل جهوزيته”. “نؤيّد الحراك السياسي للرئيس نبيه بري تحت عنوان وقف إطلاق النار، ولا محل لأي نقاش قبل وقف إطلاق النار”. “إلى كل المشككين في دعم إيران، هل أنتم قدّمتم للمقاومة وشعب فلسطين شيئاً؟ إن إيران قدّمت الوعد الصادق الأول والثاني وضربت تل أبيب، وهذا يعني أنها مصمّمة على البقاء إلى جانب المقاومة بالطريقة التي تراها مناسبة”. ثلاثة مقاطع تلخص مضمون الخطاب “المسجل” لنائب الأمين العام لـ “حزب” الله الشيخ نعيم قاسم، وأبعاده ورسائله، والذي إستمر 20 دقيقة، في ثاني إطلالة “متلفزة” له بعد إستشهاد الأمين العام السيد حسن نصر الله، وعقب أيام قليلة من استهداف رئيس المجلس التفيذي في الحزب هاشم صفي الدين في هجوم إسرائيلي.