اهلا- بيروت- زياد عيتاني إغتيال السيد… والمستقبل المجهول لـ الحزب ولبنان اغتيال نصر الله، حدث “مزلزل” مفصلي بين مرحلتين باعتبار أنه يطوي حقبة كاملة من الصراع بين “حزب الله” وإسرائيل كان الأمين العام للحزب، رمزها المحوري والأقوى ليس على مستوى لبنان وحسب، بل أيضاً على مستوى كل الهيكلية الاقليمية لإيران، بحيث تحوّل الرجل خلال العقدين الماضيين وبالتحديد منذ حرب تموز عام 2006، وبعد اغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني الشخصية الأكثر ثقلاً في “محور المقاومة”، إذ إن شخصيته غيّرت لعقود المشهد السياسي في لبنان والمنطقة بأسرها. فقد طبع نصرالله هوية الحزب، وبات عنوانه الأبرز خلال السنوات الماضية، فهو خطيب ومحلل للأخبار، وشخصيته نجحت في استقطاب وبناء حاضنة شعبية هي الأوسع على صعيد الطائفة الشيعية، التي شكلت ما كان يطلق عليها بنفسه “البيئة الحاضنة”، كما كان لحضوه وإطلالاته تأثير كبير في بقية مقومات التركيبة المجتمعية اللبنانية، وكذلك لدى شرائح واسعة لدى الشعوب العربية، لفترة طويلة من الزمان، (قبل 7 أيار، وانخراطه في الحرب السورية). وقد أحاطه مناصروه بهالة ورمزية كبيرتين، يلقبونه بـ”السيد” (لنسبه المتحدّر من سلالة النبي محمد)، أو “أبو هادي” باسم ابنه الأكبر الذي إستشهد عام 1997 خلال معارك مع القوات الاسرائيلية التي كانت تحتل جنوب لبنان. إن اغتيال نصر الله لا يجب النظر إليه وحسب على أنه اغتيال لشخص بذاته على أهمية هذا الشخص ومحوريته بل هو بالفعل اغتيال لمشروع كامل ولأجندة كاملة، ولا سيما أن هذا الاغتيال يأتي في سياق ضربات موجعة جداً وجهتها إسرائيل إلى الجسم القيادي في “حزب الله” خلال الأسابيع الماضية. لذلك، فإن القول بإمكان استبدال نصر الله بشخصية أخرى لا يختصر حجم التأثير الذي سيتركه اغتياله على الحزب وعلى “محور المقاومة” ككل، ليس بالنظر إلى تاريخ نصر الله وحسب، بل لأن اغتياله دلّ على قدرة إسرائيل على تجاوز كل الخطوط الحمر وعلى المسّ بـ”رأس الهرم” في الهيكلية الايرانية الاقليمية، حيث عكس التفوّق المفرط لإسرائيل في حرب “تهشيم” الجسم القيادي والعسكري واللوجيستي لـ “حزب الله” ونجاحَها المستمرّ في تسديد ضربات مؤلمة له كان أكبرها باقتناص ما وصفته تل أبيب بأنه “معلومة ذهبية” قادتها إلى نصر الله في عملية اعتبر وزير دفاعها يوآف غالانت أنها “الأهمّ في تاريخ إسرائيل، ولن نتوقف عندها”! لكن السؤال الذي بات يفرض نفسه الآن: ماذا بعد؟ إغتيال نصر الله يمثل حدثاً مفصلياً يثير تساؤلات جديّة حول مستقبل “حزب الله”، ويترك فراغاً كبيراً في لبنان والمنطقة، فضلاً عن تساؤلات متعلقة باستمرارية مشروعه في “مواجهة إسرائيل”، فكل الأنظار تتجه نحو كيفية تعامل الحزب مع هذا التحول التاريخي. مع ترقب انتقال قيادة “حزب الله”، بدا لبنان على أعصابه وهو يرصد ما سيكون في مرحلة لن يكون بعدها كما قبلها، بعدما أدخل لبنان والمنطقة في نفق مظلم، مفتوح على جحيم أطل من إدارة إسرائيل محركات آلة التدمير والقتل الى أقصى طاقاتها، في سياق “الحرب الثالثة” على لبنان، وسط خشية من انفجارٍ إقليمي بدأ يستدرج مساعي ديبلوماسية لإطفاء أحد أكبر الحرائق في الشرق الأوسط.
فتحت عملية إغتيال الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، الأبواب على مصراعيها أمام المصير المجهول والغامض ليس بالنسبة الى لبنان وحسب، بل الى المنطقة بأسرها، وسط سيل من تساؤلات كثيرة بشأن مدى تأثير الاغتيال على الحزب نفسه وعلى سير الحرب المفتوحة مع إسرائيل في هذا التوقيت، وحول صورة المرحلة المقبلة، بعدما سقطت كل الخطوط والقواعد والضوابط والسقوف، بحيث تخيم السوداوية على المشهد، وسط إجماع على أن المنطقة دخلت نفقاً مظلماً بعد إصرار إسرائيل على جرها إلى الحرب الواسعة، وإستغلال الدعم الأميركي المطلق في إطار حسابات لعبة الانتخابات الرئاسية.