X أغلق
X أغلق
الطقس
° - °
ترشيحا
° - °
معليا
° - °
بئر السبع
° - °
رام الله
° - °
عكا
° - °
يافا
° - °
القدس
° - °
حيفا
° - °
الناصرة
اسعار العملات
دولار امريكي
3.445
جنيه استرليني
4.1949
ين ياباني 100
2.5079
اليورو
3.6240
دولار استرالي
2.3021
دولار كندي
2.5184
كرون دينيماركي
0.4872
كرون نرويجي
0.3437
راوند افريقي
0.1994
كرون سويدي
0.3316
فرنك سويسري
3.6639
دينار اردني
4.8531
ليرة لبناني 10
0.0228
جنيه مصري
0.1398
اعلانات يد ثانية
تصفح مجلدات وكتب
الاستفتاء
مواقع صديقة

إلياس خوري يغادر باب الشمس ويتركه دامعاً

admin - 2024-09-20 12:01:55
facebook_link

اهلا

الفنان مارسيل خليفة في رثاء الكاتب الياس خوري

إلياس خوري يغادر باب الشمس ويتركه دامعاً
في الطريق إلى الكنيسة ينتاب صدري فيض من غمام .
في الكنيسة ازدحمت الخيالات والصُوَرْ في ارض لا أرض لها . المشيعون يمسهّم خدر شفيف . يذوبون مع الشمع الذي يسكب ضوءه على الوجوه . والمطران يطلّ بين الفينة والأخرى من القاطع الثاني ويريق على الهيكل زيت صلاته . يضيق التأمل في التفاصيل الصغيرة وتضيق المسافات فإلى أين سنهرب يا إلياس وقد ماد بنا الملكوت عند تابوت الحكاية . عبق البخّور على جمره المتقّد وتخيلتك تسمو مثل صوفيّ مخمور بشهوتك المالحة كخطيئة أصليّة فاتنة . منذ مليون عشق وورد ومنذ ما تبقّى من نبيذ الروح في جرار الكنيسة العتيقة .
عبث هي الحياة التي تفرّ سريعاً وتخدع . لكنّه العبث الذي نشتهي ونريد . نعبث لكي ينطلق المستحيل . نعبث لئلاّ يضيع منّا الجميل وينكسر على شروخ الوصايا .
يا ليتك يا صديقي تريثت بعض ليل لئلاّ تهزمك الطبيعة ويباغتك الصدى في نشيج النائحات على بابك . هل رأيت المجدليّة تنظر اليك كعاصفة في عينين مكحولتين . لا بُدّ للخلاص من وثبة جريئة تمسح عن جبينك عرق المشتهى والمنتهى بين الجسد والأبد .
الهي الهي لماذا تركتني ؟!
في الكنيسة ، لا شيء في الكنيسة ، غير تراتيل معلقّة على صليب النهاية . تدمي قلب السامع المتشرّد خارج حلمه . وكلّما تَشَبَعَتْ المقامات الشرقيّة تطيّر القلب ويغصّ بالحسرة . في الحَلق نغمة من زمان قديم كان الياس يرندحها وجدتها لابثة فيّ مثلما هي ، سمعتها ، ولم تخرج من خَراج صوتي . تمرّ بها المفردات كالزائرات يعبرن الشفتين . وهيَ هيَ يا إلياس في المكان المُعد لها وفي آخر القدّاس تحسست حَراكها في الحَلق بين أركان غياب مديد في الغياب أقفرها . أعرفها وأجهلها وأسمعها وتئن في ريح أصوات المنشدين نغمة حائرة ومحيرّة ولا أدري أبنغام أرضيّة نقشت أم هي ذاكرة متصيرّة .
في صورتك ، على المذبح وأنت تضحك تركتها تحتل مكان المكان ، لئلاّ يألفنا غيابك ، ويربّي عيوننا على الخلاء المهجور . دَمَعْت لصورتك الضاحكة في صدر المكان وخرجت .
لا أذكر كم من مرّة التقينا في مدن قريبة وبعيدة : بيروت ، هاڤانا ، باريس ، بروكسيل ، فيلادلفيا ، نيورك ، عمّان . . .
إلياس الحبيب من ينسى ذلك المشوار الأول إلى عمشيت بعد غياب قسري طال لأكثر من عشرين سنة . ذهبنا لزيارة كنيسة جميع القديسين ووضعنا وردة على تراب الورد ثمّ جئنا إلى البيت في حيّ العَرْبِة وصعدنا إلى السطح وكان السكون ساكناً وصدحت بترنيماً جديداً لتلتهب الرعيّة النائمة وكان عليّ أن أفيض كما أشاء من مفردات مزمور النبي داوود .
أيتها الحياة الخارجة من نزوة عابرة ، أيتها الحياة الداخلة في رؤية حائرة . علينا أن نشك في اليقين ونصحّح الرواية . قد يكون لك ما أردت وقد لا يكون . فما من أحد سواك يعرفك وينفي الثابت ويُكَذِّب التخاريف . أفي قلبك شعور يكفي ليؤسس مساحة اللقاء بين سحر الأرض ونداء السماء . وبعد ذلك الطقس الصوفي على السطح نزلنا إلى الشاطىء وركبنا على صهوة موجة لا عنان لها . وكما سار المسيح على الماء سرنا في بحر ينشر ليله على جوعنا . هل ما زلت تؤمن بنايات القيامة وهي تطلق صفير النهاية ؟! .
لن أنسى أيضاً اللقاء الأول مع محمود درويش كان في منزلك المؤقت بالغربيّة ونشأت يومها صداقة امتدت عميقاً . وذلك اللقاء الجميل مع وإدوارد سعيد في تكريم محمود بفيلادلفيا كنّا سويّة مع جورج البيطار ومصطفى حبيب ورامي خليفة نحتفل بالشعر والرواية والموسيقى . وسلسلة أمسيات جدل بمسرح بيروت برفقة باسكال فغالي وبمعيّة شربل روحانا وعبُود السعدي وعلي الخطيب .
أحدّق في صورتك على المذبح . أحدّق في ابتسامتك طويلاً كي أهب الخيال فسحة للتجوّل بين أيّام وليالٍ عشناها معاً . في نظرتك جوعٌ للضوء أرهبه ، منذ التقينا ، في فجر زمن قديم بكوبا الأبيّة بمهرجان الشبيبة . وكم تبدّل مزاجك بين خطاب وخطاب . تقول بلسان الفصاحة ما تضمر ولا يهمك . جربت أن لا أعثر على الباطنيّ فيك ، ليحلو لي الإمساك بسرّك وكلّما عاودت المحاولة خذلتني جرعة الواقعيّة في نظرك . هل كان ينبغي أن تعلمنا الوفاء للجذور إلى هذا الحد ؟!
أحببناك وأقمنا في نصوصك وتكاثر الماضي في أيامنا وينقصنا اليوم " غدٌ "
قمّ يا إلياس وأفتح باب الشمس في بيروت التي تتبعك كالظلّ . كم كانت تبهرنا المدينة وترهقنا . وبيروت حقيبة لأوراق رواياتك تلازمك . بيروت مهبط لجنوننا ومشحة من زيت فلسطين .
أنظر في صورتك المبتسمة وانا أودعك ، نظرة تزن الفارق بين الواقع والخيال . قرأت اسمك على التابوت ، حروف مرصوفة صامتة يجمعها المعنى في رواية لم تكتب بعد . ها انت تلوذ بالصمت الابدي كأنك تدوّن روايتك الأخيرة عمّا في الغياب من اصوات لنداء بعيد لا يُسمع . تفاصيل خرساء على الورق . من سيكتبها بعدك . . تفاصيل تقضي في الكتاب وفي الذاكرة .
ما زال الإنشاد يصّاعد من الكنيسة . على خشبة حملوك وانحدروا إلى مار إلياس بطينا .
يمتلىء داخلي بغياب حضورك الساطع . ما هذه الحياة الاكذوبة وجسمها سريع الترهّل . ليس للغياب ملامح لأكتبه .
اكتب ما اكتب لأقول - أحبك -



مواضيع متعلقة
اضف تعقيب

اسم المعلق : *
البلد :
البريد الالكتروني :
عنوان التعليق : *
التعليق الكامل :
تعقيبات الزوار
مواقع اخبار عبرية
مواقع اخبارية عربية
مواقع اقتصادية
مواقع رياضة
بنوك
راديو