















اهلا- زياد عيتاني-بيروت تنفيسة رد الحزب المتوازنة فرضت على إسرائيل إحتواءها وترافقت تطورات فجر الأحد “المدروس” و”المحسوب” مع تنافس إعلامي بين الجانبين بشأن من كان المبادر الى إطلاق “الطلقة الأولى”، إلا أن الوقائع أكدت أن ضوابط قواعد الاشتباك ما زالت تحكم الوضع الميداني، مع إبقائه على بعد مسافة قصيرة من الحرب الكبرى، ما يؤكد رغبة الطرفين في تمديد الانتظار على قارعة الطريق “الملغم”، الى أن تتضح ما ستسفر عنه المفاوضات “المتعثرة” والصعبة بشأن غزة. بمعزل عن كل التحليلات والاجتهادات المشيدة و”المستخفة” التي أعقبت رد الحزب، تُسجل له قدرته على إرسال صواريخه التي تسمح بمرور المسيرات إلى هدفها، على الرغم من كل هذا الاستعداد الاسرائيلي، وكل التقنيات التي أفادت إسرائيل من الوجود الأميركي في الأجواء، والعمل الاستباقي منذ أسبوعين حتى اليوم بكل الوسائل المدفعية والصاروخية والطيران والمسيرات الاسرائيلية، ما يعني أن الحزب لا تزال لديه القدرة على تحقيق “الردع المتوازن”، خصوصاً وأن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو حرص على القول: “قبل 3 أسابيع قتلنا رئيس أركان حزب الله واليوم أحبطنا خطته الهجومية”، مؤكداً أن “هذه خطوة على طريق تغيير الوضع في الشمال”. وبعيد إنتهاء الضربات “الانتقامية” و”الاستباقية”، رأى الخبراء المتابعون للتطورات أن الطرفين إلتزما “الرد المتوازن”، ولم يقدما تصعيداً يؤشر الى قرب الحرب. وهذا ما أكده مصدر ديبلوماسي لوكالة “رويترز” من أن “الجانبين يعتبران تبادل القصف المكثف انتهى، وأن أياً منهما لا يريد حرباً شاملة”. كما أكده الخبير الأميركي ريتشارد وايتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، بشأن إمكان تجاوز قواعد الاشتباك المعهودة بين إسرائيل و”حزب الله” خلال التصعيد، بقوله: “لا يزال من المبكر توقع هذا الأمر”. وفي هذا الاطار، كان لافتاً (على الرغم من أن بعض التحليلات اعتبره ضعفاً) إمتناع “حزب الله” عن ترجمة معادلة “الضاحية مقابل تل أبيب”، لعدم إلزام نفسه بالتصعيد الكبير في هذه المرحلة. على الرغم مما حملته “الساعات العاصفة” من تطورات خطيرة فجر يوم الأحد، كان واضحاً أن الادارة الأميركية وبالتنسيق مع مصر وقطر، تتحكم بمجريات ومسار تلك التطورات على خطين متوازنين: الأول من خلال ديبلوماسيتها “الاستباقية” التي تولاها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى لبنان، حيث نقل تحذيرات الى مسؤولين لبنانيين من مغبة خروج “حزب الله” في رده على اغتيال شكر عن الخطوط الحمر، أما الخط الثاني فكان من خلال الزيارة غير المعلنة لرئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي كيو براون الى المنطقة، لمناقشة سبل تجنب تصعيد جديد خوفاً من توسع رقعة الصراع، ما يشير إلى أنه تم الاستعلام عن تحضيرات مسبقة يقوم بها “حزب الله”، ونُسِّق لشن الطيران الاسرائيلي العملية الاستباقية في شمال الليطاني، ورصد الأماكن التي يمكن أن يطلق الحزب منها الصواريخ، مستفيداً من التقنيات التي تؤمنها مراكز الاستعلام الأميركية والبريطانية في أجواء المنطقة. ونقلت شبكة “سي بي إس” عن مسؤول أميركي، أن ضربات “حزب الله” لم تكن مفاجئة لواشنطن. كما أشار موقع “أكسيوس”، إلى أن “إدارة الرئيس جو بايدن حصلت على معلومات استخباراتية خلال الساعات الـ 48 الماضية أكدت أن حزب الله يستعد لشن هجوم على إسرائيل”. يمكن الاستنتاج الأولي، أن إدارة بايدن التي تبحث عن إنجاز من خلال التوصل الى هدنة في غزة لتوظيفها في الانتخابات الأميركية، تمكنت، أقله حتى الآن من إستبعاد الإنفجار الكبير “المؤجل”، الى جانب الجهود التي تبذلها مصر وقطر، من خلال احتواء التصعيد، وتنظيم وضبط عملية “الرد المتوازن” لـ “حزب الله” رداً على إغتيال شكر، الذي نفذ عمليات “تنفيسية”، ضمن أطر المسرح “التقليدي” للإشتباك، فارضاً على إسرائيل إحتواءها وإستيعابها، من دون منحها ذريعة للشروع في الحرب الشاملة، بحيث إنتهت جولة التصعيد الأخيرة بالتعادل بين الطرفين، بعدما تمكن كل منهما من تسجيل هدف في مرمى الآخر.
إحتفى “حزب الله” مساء الأحد بانتهاء المرحلة الأولى من عملية الرد على إغتيال القيادي فؤاد شكر، وكذلك إسرائيل التي ما أسمتها بـ”الضربة الاستباقية” لمواقع “حزب الله”، الذي أعلن أنه أطلق 320 صاروخ كاتيوشا وطائرات مسيرة نحو أهداف في إسرائيل، منها قاعدة “غليلوت” الاستخبارية القريبة من تل أبيب، وعدة ثكنات وقواعد شمالي إسرائيل والجولان، كرد “نوعي” (كما وصفه) على إغتيال شكر. في المقابل، أعلنت إسرائيل أن جيشها أطلق نحو 100 طائرة حربية ضد أهداف لـ “حزب الله” في عملية استباقية، ودمَّرت هذه الطائرات وهاجمت آلاف المنصات التابعة للحزب التي كانت على أهبّة إطلاق صواريخ نحو شمالي إسرائيل ووسطها.