
















اهلا بقلم الأكاديمية وفاء داري
كاتبة وباحثة
فلسطين
(إشكالية الغموض الدلالي في أصناف الأدب الحديث)
ماذا نقصد هنا الغموض الدلالي أم تأويل أم تكثيف واختزال؟ أم (الأدب الوجيز). كما أختصر التعريف به لربما الأديب الجرماني بقولة: (تجويع اللفظ وإشباع المعنى).
في عصر العولمة والتكنولوجيا ونمط الحياة السريع، هل أصبح ميولنا للأدب الوجيز أم فُرِضَ علينا حضوره في العصر الحديث، ليوفر علينا الوقت والجهد وحتى التفكير والتفكر لتميزة بالإيجاز الشديد، والذي شمل شتى أنواع وأصناف الأدب والأجناس الأدبية و الفنون السردية والشعرية.
أم أن الغموض الدلالي في أصناف الأدب و الأجناس الأدبية ، هو الذي ينتج عنه معان قيمة وعميقة ومؤثرة في الوقت نفسه، يثري القصيدة والسرد وينتج نص مدهش، يحث المتلقي على التفكير والتفكر والتحليل في إستنتاج الهدف والمغزى، وليس ابهام أو تعقيد لغوي والذي لا طائل من ورائه، الغموض الدلالي على سبيل المثال في القصيدة النثرية الحداثية له سحر تعبيري رفيع.، فالغموض الدلالي آلية اشتغال عميقة شفيفة نابضة سحراً في رفيع شعر قصيدة النثر الحداثية. حيث أصبح الغموض من أسياد و عناصر أصناف الأدب الحديث في شتى أصنافك الأدبية، والذي هو متأسس على علاقة تبادل أدوار بين شاعر/كاتب مرسل، وقارئ متلق. وعليه تتجلى مظاهر غموض الدلالي في عدة محاور منها: غموض الألفاظ، وغموض التراكيب، والموسيقى والمعنى والصورة، اذًا هو غموض دلالي له عناصره الأدبية ولادلاته وليس إبهام.
أم نقصد الإختزال: الحذف لأجل الاختصار وليس الغموض، أي الإقتصاد في الكتابة وإستخدام العبارات القصيرة الدالة على المعنى بدلاً من العبارات الطويلة والزيادات والتفاصيل التي لا داعي لها، فيقوم بحذف ما لا فائدة منه، بغرض توفير الوقت والجهد وتسريع عملية الكتابة والتعبير عن كل ما يُريد الكاتب أو الشاعر في صياغته، واقتطاع ما أراد منه البقاء في النص اللغوي سواء سرد ،شعر ، نثر تحت أي مسمى لأي صنف أدبي.
أم نقصد التكثيف: كمصطلح أدبى له خاصية جوهرية من خصائص الأدب, ويكون على المستوين الدلالي والبنائي. أما التكثيف الدلالي وهو: تحميل الكلمات وشحنها بالدلالات المتعددة، والتكثيف البنائي وهو: الإقتصاد اللغوي وعدم تحميل النص بكلمات زائدة عن حاجاته, ويشتبك التكثيف البنائي والدلالي اشتباكاً لا انفصال فيه بحيث يتحقق الإقتصاد اللغوي القائم على إزالة الحشو والزيادات مع التكثيف الدلالي و تكثير وغزارة المعنى في آن واحد.
الخلاصة: حينما يندرج مسمى أشكال الغموض الدلالي تحت هذه العاناصر الأدبية بكل أصنافها وأجناسها المكتنزة رغم اقتضابها وتحت أي مسمى (أدب وجيز) أم غيره من التسميات الحداثة الأدبية ومنها الحداثة الشعرية والنثرية هما مشروعا بناء منفتح على التجديد وهذا ينطبق أيضًا على جميع أصناف الأدب، فهي مشروع مكمّل ومعبّر عن المشروع الحداثي العام المأمول. وبناء على كل ما ذكرنا سابقًا من تعريفات ودلالات ومقومات وعناصر أدبية مع التصور الحداثي الصحيح والتمسك بالصلة مع الجذور وأصالة اللغة العربية العريقة ، ويزيد عن ذلك إحتواء الكتابة على الصور الشعرية الغنية ب (الاستعارة، الكناية، التشبيه) جزلة المعنى رشيقة القوام،مع وجوب تأثيث العمل الأدبي بآليات إمكانيه قراءته رغم تحليقه في عالم الحداثة الأدبية مع تشكيل بديع للصور الشعرية وتناغم مع عمق الرمزية. إذًا من وجه نظري المتواضعة هو أسلوب أدبي فني جمالي إبداعي له مبدعيه في عصر السرعه والعولمة لنكون أكثر شفافية وأقرب للموضوعية وللواقع.
أما إذا كان الغموض الدلالي لمجرد الغموض يفتقر كل العناصر والدلالات والمقومات والتعريفات السابقة، دون التمسك بالتراث العربي العميق والأصيل، ودون توصيل فكرة، رسالة، هدف، مغزى، مع الإبداع بالفن التعبيري والصور الجمالية وغيرها فلا يُلتفت له. يولد ضعيف مريضًا مهما طال عمره في خداج المنصات الإلكترونية وغيرها، مصيره الحكم عليه بالإعدام والموت سريعًا.