
















اهلا تعطلت سيارة أصدقاء ثلاثة في مكان مهجور ، بعد ساعة من السير المرهق بطرق وعرية رأوا ضوءا منبعثا من منزل يقف وحيدا وسط ارض واسعة. شدوا الخطى نحو مصدر الضوء على أمل ان يجدوا مكانا يقضون به ليلتهم حتى الفجر..ولعلهم يجدون أيضا بعض ما يخفف جوعهم وعطشهم... ملاحظة هامة: هذه القصة هي تفسير للمقولة الفلسفية "طالبو الإله" انشرها مستقلة بعد ان لاحظت خوف القارئ من تعبير فلسفة ، رغم ان الفلسفة هي مضمون حياة وتفكير كل انسان.. لكن الثقافة السائدة ضللت القارئ العربي وأبعدته عن فهم حقيقة انه يعيش وياكل فلسفة وان تفكيره وحواره وخلاف الراي والوصول الى معلومات جديدة هي كلها فلسفة ..والسياسة هي فلسفة .. حتى الفيسبوك مبني على فكرة فلسفية.. ولا يمكن ان تكون قصة او قصيدة او مقال او حتى خبر الا وله جذور فلسفية.
ما استرعى اهتمامهم وجود منزل وحيد داخل مزرعة كبيرة واسعة بها مزروعات وحظيرة حيوانات واسعة جدا..
استبشروا خيرا وهم يقتربون من المنزل، الذي ينطلق من "داخونه" رائحة شواء ذكية.
قال الصديق الأول: بما اني رجل دين يهودي ولا اعرف نوع اللحوم التي يشويها صاحب البيت، وخوفا ان تكون لحمة خنزير او لحمة غير ملائمة للشريعة اليهودية، لذلك سامتنع عن الطعام.. وليكن الله بعوني!!
قال الصديق الثاني: بما اني هندي، انا ايضا لن اتناول من هذه اللحمة التي نشم رائحتها خوفا ان تكون لحمة بقر .. وكما تعلمون فإن للبقر عندنا قداسة خاصة.. قداسة البقر أهم من إسكات جوعي!!
قال الصديق الثالث: بما اني محامي فانا ساقوم بالواجب بدلا منكما ، وسآكل ما يشوى ولو كان خنزيرا او بقرا او حتى لحم بشر!!
قرعوا باب المنزل، بعد برهة اطل وجه رجل في منتصف العمر. قالوا له ان سيارتهم تعطلت ويرجونه منه ايوائهم حتى الصباح .. حتى مقابل اجر يُدفع له بطيب خاطر.
رحب بهم صاحب المنزل ، وقال انهم ليسوا اول من يقصدون بيته ولكنه لا يقبل ان يتلقى اجرا على فعل الخير.. اهلا وسهلا بكم.. العشاء جاهز اذا شئتم..
شكروه وتقدم المحامي لوحده وتناول قطعة لحم كبيرة أكلها بتلذذ ظاهر وصديقيه يبلعون ريقهم معتذرين عن تناول الطعام بحجة انهم ليسا جائعان.
بعد انتهاء العشاء اعتذر صاحب المنزل بأنه لا يستطيع إلا إيواء اثنين منهما داخل منزله وانه على الثالث ان ينام على القش في حظيرة الحيوانات.
قال رجل الدين اليهودي، انا سأنام هناك .. كان تفكيره انه سيبتعد بذلك عن رائحة الشواء لعل ذلك يخفف وطأة جوعه وسيلقى بالتأكيد رعاية وتعويضا من اله إسرائيل الذي يرعى شعبه المفضل اينما حل . اعطاه صاحب المنزل "بطانية" وخرج لينام في الحظيرة..
استعد الزميلان للنوم واذا قرع قوي على الباب. فتح صاحب المنزل الباب وكان هناك رجل الدين اليهودي واقفا وهو مكتئبا جدا.
قال انه يعتذر عن عدم تمكنه من النوم في الحظيرة بسبب وجود خنازير تعتبر حيوانات نجسة حسب الدين اليهودي، ولا يمكن له ان ينام في الحظيرة خوفا من ان يعتبره الإله نجسا بسبب نومه بقربها..
تبرع الرجل الهندي ان ينام بالحظيرة بدل صديقه اليهودي.
بعد دقائق قليلة عاد القرع على باب المنزل. فتح صاحب البيت باب منزلة متسائلا "ما الحكاية الآن؟".. كان الهندي يقف على الباب كئيبا ومعتذرا انه يوجد في الحظيرة بقر وان الهنود يقدسون البقر ولا يستطيع ان ينام ملاصقا للبقر المقدس ويزعجهم بشخيره... هكذا هي تعليمات المعلم غورو ناناك وخلفائه التسعة من الغورو البشر.
وكان الحل ان يذهب المحامي للنوم في الحظيرة.. فهو لا اله له.. بعد تردد وانتقاد صديقيه وتفكيرهم الغيبي ومحاولات اللحظة الأخيرة باقناعهم انهم على ضلال يتناقض مع منطق القوانين والحياة .. أخذ البطانية وذهب للنوم في الحظيرة مهددا زميليه بانه سيعرف كيف يقاضيهم على تفكيرهم غير الإنساني بما يخص التعامل مع الحيوانات وإخلالهم بقانون الرفق بالحيوان.
دخل صاحب البيت وضيفية للنوم.. ولكن لم تمض ربع ساعة والا ضجة كبيرة في ساحة المنزل.. وجعير بقر مدو وزعيق الخنازير يزعج الآذان.. قفز صاحب المنزل منزعجا.. وكذلك فعل الصديقان، فتح صاحب المنزل الباب فاذا حيوانات الحظيرة قد اندفعت خارج الحظيرة تطلق اصواتها بطريقة مزعجة بينما المحامي يغط بنومه سعيدا في حظيرتها!!