اهلا- زياد عيتاني -بيروت فشل منظومة الدفاع يردع نتنياهو عن الحرب الشاملة بالعودة إلى تنفيذ العملية، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية أن المسيرة وصلت من جهة البحر وحلقت على ارتفاع منخفض وانفجرت في مبنى، مرجحة أن المسيرة المستخدمة طوّرها الايرانيون. وقالت الصحيفة إنّ تقديرات إسرائيلية تفيد بأنّ المُسيرة سلكت في بعض الأحيان مسارات جديدة مقارنة بالمرات السابقة، لتضليل أنظمة الكشف والرصد التابعة للجيش الاسرائيلي. وبحسب التقديرات الاسرائيلية فقد تم تصميم رأس الطائرة الحربي الذي يزن بضعة كيلوغرامات بما يتلاءم مع رحلة طويلة متوقعة. من جانبه أوضح مركز “علما” للأبحاث أن الطائرة من نوع كاس 4 (KAS-04) وتحمل 40 كيلوغراماً من المتفجرات، وأطلقت من اليمن وقطعت مسافة تقترب من 2000 كيلومتر، وجرى تقليل حجم المتفجرات فيها لصالح زيادة الوقود. أما هاغاري فأعلن أن معلومات الجيش تشير إلى أن الطائرة إيرانية الصنع ومن طراز “صماد-3″، وأصابت مبنى بالقرب من شاطئ البحر ومن السفارة الأميركية في تل أبيب. ووفقاً للتقديرات الأولية، فقد مرت المُسيرة عبر سيناء، وعبرت البحر الأبيض المتوسط أمام الساحل الجنوبي لاسرائيل، ومن ثم حلقت على ارتفاع منخفض، وعند وصولها إلى شواطئ تل أبيب، هبطت إلى ارتفاع عدة عشرات من الأمتار فوق خط المياه، حتى لا يتم اكتشافها. “ما كان ينبغي أن يحدث”.. بهذه العبارة علق سلاح الجو الاسرائيلي، معلناً أن ما حصل هو إخفاق خطر ويتحمل مسؤولية هذا الحدث. وأوضح أن “المسيرة بعيدة المدى، حلقت على ارتفاع منخفض وشقت طريقها، ساعات طويلة، ووصلت من اتجاه البحر وانفجرت في قلب مدينة تل أبيب”، كاشفاً أنه “تم رصد الطائرة المسيّرة، لكن لم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضها بسبب خطأ بشري، ولم تنطلق صافرات الإنذار بما أنه لم يتخذ أي إجراء ضد الهدف والذي تم الكشف لاحقاً أنه طائرة مسيرة هجومية كبيرة بعيدة المدى”. وأكدت القوات الجوية أن سلاح الجو الاسرائيلي سيزيد من الدوريات التي تقوم بها الطائرات المقاتلة “للدفاع عن أجواء إسرائيل”. وقال رئيس بلدية تل أبيب رون حولداي في بيان إن المدينة تنتقل إلى حالة تأهب قصوى في أعقاب الهجوم، مضيفاً أن “الحرب ما زالت قائمة وهي صعبة ومؤلمة، ونحن مستعدون لأي تطورات”، داعياً المواطنين إلى اتباع التعليمات كافة. وفي تحليل لحيثيات العملية، كشف خبير عسكري مستويات متعددة من الفشل الاسرائيلي، أبرزها وجود ضعف واضح في منظومة الدفاع الجوي لديه، بحيث أن هذا الاستهداف أظهر فشل الاحتلال في صد الهجمات النوعية القادمة من خارج الأراضي المحتلة، وكشف ضعف منظومة الدفاع الجوي لديه، خصوصاً أن ذلك لم يكن أول خرق لأجوائه الجوية. كما لفت إلى أن هذا الاستهداف بعث برسالة واضحة بأن ما لدى الحوثيين من إمكانات هو أكبر مما هو معلن سابقاً، وأن المدى الذي وصلت اليه هذه المسيّرة يعد انتقالاً كبيراً في القدرات العسكرية لديهم. ورأى أن من مستويات الفشل الاسرائيلي التي كشفها هذا الاستهداف، عدم القدرة على الرصد والخطأ في التقدير، بحيث جاء تصريح الجيش الاسرائيلي بأن الطائرة المستخدمة هي “صماد 3” على الرغم من أن مدى الأخيرة لا يتجاوز 1700 كيلومتر في حين تتجاوز مسافة الاستهداف 2000 كيلومتر. وأشار الخبير العسكري إلى أن هذه الطائرات تطلق موجات قصيرة المدى، يصعب معها اكتشافها من الرادارات، كما أنها تطير على مستويات منخفضة ما يزيد من صعوبة رصدها من منظومات الدفاع الجوي المتوافرة لدى الاحتلال. وكشف أن تلك المستويات من الفشل ظهرت مع الاستهداف بطائرة مسيّرة واضحة، وهو الأمر الذي يمكن أن يتضاعف ويصل إلى مستويات كبرى من الفشل في حال نفذت عمليات إغراق صاروخي وبالطائرات المسيّرة من جبهات متعددة. وبعد الهجوم، دعا زعيم المعارضة الاسرائيلية يائير لبيد إلى رحيل حكومة بنيامين نتنياهو، قائلاً إن “انفجار المسيّرة في تل أبيب دليل آخر على أن هذه الحكومة لا تعرف ولا تستطيع توفير الأمن لمواطنيها”. وأضاف: “من يفقد الردع في الشمال (لبنان) والجنوب (غزة) يفقده أيضاً في قلب تل أبيب”. فيما وصف رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان الحادث بـ “الخطير جداً”، وأنه نتيجة مباشرة لما سمّاها “سياسة الاحتواء والذل” التي تواصل “حكومة الأوهام العمل بموجبها وترفض النهوض بعد أحداث 7 أكتوبر 2023”. في المقابل، قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إن الخط الأحمر لاسرائيل تم اختراقه في الشمال، ومن يعمل على احتواء القصف على كريات شمونة وسديروت يتلقى القصف على تل أبيب. بعدما فشلت منظومة الدفاع الاسرائيلي في رصد وتدمير مسيرة بلغت تل أبيب، بات واضحاً أن المواجهات أصبحت متعددة الأذرع والجبهات، تكريساً لمعادلة “وحدة الساحات”، وهو ما يمكن إستنتاجه من العملية النوعية للحوثيين في تل أبيب وردّ إسرائيل بغارات على الحديدة في موازاة استهدافها مستودع أسلحة لـ “حزب الله في عدلون”. وهذا ما يدفع نتنياهو الى عدم التورط في الحرب الشاملة، خصوصاً وأن عملية “الحوثيين” كشفت الأجواء الاسرائيلية، وطرحت أسئلة عدة حول فاعلية المنظومة الدفاعية، ما لم تلق إسرائيل دعماً عسكرياً كبيراً من واشنطن، قد لا يتلقاه نتنياهو في زيارته الحالية اليها، مراهناً على وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض للحصول على مراده، ما يعني أن الحرب التي لا تزال “محسوبة” من مختلف الأطراف مرشحة للإستمرار أشهراً عديدة، بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية.
ما زال خرق “الحوثيين” كل منظومات الدفاع الجوي الاسرائيلي، عندما تمكنت مسيرة تابعة لهم من بلوغ وسط تل أبيب، مثار جدل وتضارب وتبادل للاتهامات، على الرغم من الرد الاسرائيلي العنيف الذي إستهدف منشآت حيوية في الحديدة اليمنية. مع الاشارة في هذا السياق الى أن تعليمات صدرت بعد “طوفان الأقصى” بإطلاق منظومة الدفاعات الجوية (وهي المنظومة التي كان يفترض إطلاقها للتصدي لمسيرة الحوثيين إذا ما رصدت الرادارات أي هجوم والتأكد من أنها هدف عدو)، وذلك بعد تعرض إسرائيل لصواريخ وطائرات متوسطة وبعيدة المدى، بهدف رفع درجة حماية أجوائها في مختلف المناطق إلى أعلى درجة، علماً أن الجيش الاسرائيلي وعلى لسان الناطق باسمه دانيال هاغاري أكد أن وحدة الدفاع الجوي رصدت الطائرة، لكنها لم تحسم أنها هدف عدو، والمفترض أن تواجهها بمنظومة الدفاع “حيتس”، التي تبلغ كلفتها 100 ألف دولار.