اهلا تل ابيب والحديدة هل هي حرب اقليمية شاملة؟ استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ ahlanweb@gmail.com
أمير مخول
فتح القصف اليمني الحوثي لتل ابيب يوم 19/تموز يوليو جملة من الأسئلة حول قدرات الردع الإسرائيلية واحتمال فتح عدة جبهات حرب في وقت واحد، بما في ذلك جدوى استمرار الحرب على غزة ، فيما تقدر بعض التحليلات الإسرائيلية لاستهداف تل ابيب باعتباره نقلة نوعية في الحرب وذات ابعاد استراتيجية، وانها الاخفاق الاسرائيلي الاكبر منذ السابع من السابع من اكتوبر الماضي وبداية الحرب.
- جاء الرد الاسرائيلي السريع بقصف مكثف لميناء الحديدة بنحو عشرين من طائرات F35 و F16 ليوجه رسائل مباشرة للمنطقة بمجملها، سواء بالتسمية التي اطلقت على العملية "الذراع الطويلة" أو التزود بالوقود في الجو، واعتبار ذلك تأكيدا للحوثيين وكذا لايران ولبنان بأن الجهوزية الاسرائيلية عالية.
- ثمة إشارات بان القصف بالمسيّرة من اليمن والرد في اليوم التالي في الحديدة، يؤكد ان اسرائيل كانت جاهزة لمثل هذا الاحتمال، وأن تدريبات سلاح الجو في اليونان وقبرص قبل عدة أشهر، شكّل استباقا لمثل هذا التحدي اليمني. وكذلك تأكيد على ان سلاح الطيران لديه بنك اهداف في اليمن وفي المنطقة.
- ارادت اسرائيل ووفقا لتصريحات نتنياهو والناطق العسكري ووزير الأمن ان تبعث برسالة الى ايران باعتبارها حسب التقديرات الاسرائيلية هي الراعية للحوثيين ولاستراتيجية وحدة الساحات وطوق النار الذي تسعى لتطويق اسرائيل به وفقا لنتنياهو. مفاد هذه الرسالة، ان اسرائيل تسعى الى استعادة الردع بأي ثمن بما في ذلك في المدى الاقليمي او الدولي، والتلويح بأنها تملك بنك اهداف في كل ارجاء المنطقة.
- حمل الرد الاسرائيلي النوعي العسكري والسياسي رسالة الى الدول العربية والخليجية حصريا بأهمية اعادة التحالف الاسرائيلي العربي لكل الدول التي حاربت الحوثيين في السابق او المتضررة من شل حركة الملاحة والتجارة العالمية في البحر الاحمر. وقد سعى نتنياهو في خطابه الى التذكير بهذا التحالف في إطار القيادة المركزية الامريكية سنتكوم.
- رغم تصاعد التوتر، فقد تواصلت الاحتجاجات الاسرائيلية ضد الحكومة ورئيسها عشية سفره الى واشنطن، واعلنت عدة عائلات كانت مدعوة لمرافقة نتنياهو، إلغاء مشاركتها ودعوتها له لإبرام الصفقة قبل السفر، وكذلك بدعوتها للتظاهر في واشنطن خلال القاء خطابه امام الكونغرس.
- تقف اسرائيل في مأزق الخيارات، فهي لا تملك القدرة على تفكيك تحدي وحدة الساحات، ومضطرة لان تواجه معادلة، إما الصفقة في غزة وعلى اساسها تبريد معظم الجبهات، او اشتعال متعدد الجبهات وقد يتدحرج الى حرب اقليمية مفتوحة وذات ارتدادات عالمية، وهي حرب تؤكد معظم الاطراف انها غير معنية بها، كما ان أول المتضررين منها وأكثرهم هو الشعب الفلسطيني في غزة وكل فلسطين.
- تملك اسرائيل القدرة العسكرية على ادارة حرب متعددة الجبهات وبدعم امريكي وبريطاني واضح. الا انها باستهدافها ميناء الحديدة اليمني، تعرض عمقها ومرافقها الاستراتيجية للاستهداف الخطر، ولا تملك ردا حاسما يضمن تفوقا استراتيجياً او انها ستدفع الثمن الذي فرضته حرب المسيّرات والتي قلصت الفجوة جوهريا في موازين القوى والقدرة على التحكم بنتائج وتداعيات هذه المواجهات، ناهيك عن تردي الحالة الاستراتيجية والردع الهش الذي يتراجع مفعوله جوهريا. وهناك معطى جديد وهو ان الاطراف الاقليمية بات لديها بنك معلومات في العمق الاسرائيلي.
- يستفيد نتنياهو من هذه المواجهة مع الحوثيين، نظرا لانه سينجح في تركيز الاهتمام حول ايران وما يسمى حرب الوكلاء، واستغلال احتمالية عودة ترامب للحكم للتأليب ضد ايران والسعي لاستهدافها، كما ان استهداف اليمن والدخول معه في دائرة الاشتباك المباشر، محاولة لحرف الأنظار عن الحرب التدميرية والتطهير العرقي في غزة، وجعل الحرب مع اليمن يتصدر جدول الاعمال الاسرائيلي وليس استحقاقات الصفقة ووقف الحرب على غزة.
- لحظيا قد يستفيد نتنياهو من هذا التصعيد ، فقد عاد الى تظاهرة الرجل القوي والذي يرسل تهديدات الى كل المنطقة والعالم، ويحث العالم على التدخل لإسناد اسرائيل في معركتها بالوكالة عن دول العالم وفقا له. بينما في المدى الأبعد، لا يستطيع نتنياهو الفصل بين التصعيد الاقليمي وبين استحقاقات الصفقة وفرصة تهدئة معظم الجبهات.
للخلاصة:
• لا تزال الاحتمالية محدودة لحرب اقليمية شاملة، ووقوعها مستبعد رغما عن التصعيد النوعي الجديد.
• كي لا تتحول المسيّرة يافا الى نموذج يحتذى اقليميا ونظرا لوقع ذلك على الردع الاسرائيلي، فقد تدفع القوى الحاكمة الى التصعيد الفوري وتسديد ضربة استباقية شاملة على الجبهة مع لبنان وحزب الله، الا ان القدرة على المفاجأة باتت شبه معدومة،
• تبقى غزة هي المحور الاستراتيجي ولا يمكن تجاوز استحقاقات الصفقة ووقف الحرب.