اهلا- د.جوزيف زيتون العيد في الرّوزنامة آتٍ. ولكن هل أنت ذاهبٌ اليه؟ هل تريد مثل الرعاة حول بيت لحم أن تتبع الصّوت الإلهيّ القائل: المجد لله في العلى وعلى الأرض سلام؟ فهل أنت راعٍ لقضية الله أم أنت راعٍ لخطاياك تسوقها وتسوقك؟ وإذا رعيت خطاياك فاذهب بها إلى قدمَي السيّد وارمها هناك لتتمكّن من رؤية مجد الله ساطعًا لا في السّماء بل فيك لتتقبّل في نفسك سلامًا.
وإذا لم تحصل لك الرؤية تبقى ساعيًا إلى ما أُلصق بالعيد من أزياء الغرب: شجرة ومغارة وهدايا وسهرة، وقد يعفيك هذا من التّغني بيسوع في سرّ تواضعه وسرّ سطوعه.
أرجو ألّا تفضّلَ سطحيّات الميلاد على أعماقه، وأن تقرّرَ الغوص على ينابيع المياه الحيّة المتفجّرة في قلب الله. أنت تعرف ما يرويه الإنجيل عن الميلاد في متّى ولوقا. المهمّ وراء ما تقرأ. فممّا تقرأ أنّ الربّ وُلد في مذود بين البهائم. كان هذا لأنّ غرفَ الفندق كانت مليئة بأهل بيت لحم الّذين عادوا إليها ليتسجّلوا في إحصاء النّفوس الذي أمر به أوغسطس قيصر، وغالبًا ما كان المذود تابعًا للخان الذي امتلأ بالنّزلاء.
قلبي وقلبك مذود، مأوى لحيوانيّة الخطيئة. في هذا القلب يريد المسيح أن يولد اليوم. أدركت الكنيسة هنا المعنى لمّا رتّلت عشيّة العيد: «اليوم يولد من البتول الضابط الخليقة بأسرها في قبضته». وإذا وُلد المسيح فيك بسبب من الرضا الالهي عليك لا تبقى مذودًا لحيوانيّة الخطيئة بل تصير نفسك بتولًا. تدخل في سرّ مريم هذه التي لم تتقبّل زرعًا بشريًّا لتصوّر بذلك أنّها حاضنٌ فقط لكلمة الله وعطائه.
فإذا أنت تخلّيتَ عن كلّ شيء يستعبدك لهذه الدنيا، تستعيد نفسَك المفقودة إلى بهاء عذريّتها.
الأمر الحاصل معنا هو الآتي أنّ المسيح يظهر لك في وقتٍ ما من حياتك نورًا للعالم. أرجو أن يكون هذا الخامس والعشرون من الشهر بدء الرؤية. اذ ذاك تكون أنت المولود، لا من أبيك وأمّك ولكن من الرّوح القدس. إذا وهبك العيد أن تحسّ أنّ ضياء المسيح يمكن أن يدخل إلى قلبك فافتح نوافذه ليرتاحَ إلى المسيح.
قد تكون حتّى اليوم مرتاحًا إلى خطيئة تجترّها أو عيبٍ معشّشٍ فيك. في أكثر النّاس سيّئة أو سيّئات يألفونها كما يألف الإنسانُ غرفته. ألسنا ننام في خطايانا؟ إذا جاءك الربُّ وقال لك: هذا كلّه غلط. عاداتك وعيوبك وكبرياؤك لا تريحك حق؟ًا. هذه خدعة. أنا وحدي أريحك، ولكن هذا يتطلّب شقلبةً كبيرة وتعزيلًا كبيرًا وسأغيّر محتويات الغرفة وأطليها طلاءً جديدًا. وقد يُحدث هذا فيك هزّةً كبيرة.
ألم تقرأ: «لما حان ملء الزّمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة»؟ لقد تعبنا كثيرًا بلا مسيح. لم تعطنا الخطيئة شيئًا. لم تعطنا السياسة شيئًا ولا اللّهو أعطانا شيئًا. وبقينا على جوعنا. الميلاد موسم نذوق فيه المسيح. «وُلد لكم اليوم مخلّصٌ في مدينة داود هو المسيح الرّب» (لوقا 2: 11). يختبر هذا المخلِّصَ من وُلد المخلّصُ في قلبه فصار به «خليقةً جديدة».
ألا جعل اللهُ هذا العيد مولدًا لنا في النّور.
(رعيّتي ٢٠ كانون الأوّل ١٩٩٢)
(حركة الشبيبة الأرثوذكسية )