اهلا- بقلم جورج مناريوس مسيحنا المصلوب الذي نعرفه هو مسيح المظلومين والمضطهدين والمجربين والحزانى والمتالمين.فهو الذي قال عن نفسه : "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ." (مت 11: 28). وايضا : "اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ." (مت 11: 29).
اما داود النبي فقال عنه في المزمور :" لأَنَّهُ قَدِ انْفَتَحَ عَلَيَّ فَمُ الشِّرِّيرِ وَفَمُ الْغِشِّ. تَكَلَّمُوا مَعِي بِلِسَانِ كِذْبٍ، بِكَلاَمِ بُغْضٍ أَحَاطُوا بِي،بَدَلَ مَحَبَّتِي يُخَاصِمُونَنِي.وَضَعُوا عَلَيَّ شَرًّا بَدَلَ خَيْرٍ، وَبُغْضًا بَدَلَ حُبِّي" ( مزمور 109)
اما الحكيم بولس فيقول عنه : "لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ." (عب 2: 18).لان السيد المسيح قد جرب كل هذه المشاعر الانسانية، هذا الذي لم يصنع او يختبر شرا ابدا شرب كأس المرارة منذ بداية البشرية حتى نهايتها.
فالكاس الذي طلب من الآب الا يشربه هو ليس كاس الآلام والموت في الجسد فقط بل هو كأس ظلم وقهر الإنسانية التي كان سيواجهها، ليس خوفا بل لكي يعلمنا الصبر والطاعة لله:"يَا أَبَا الآبُ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ فَأَجِزْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ" (مرقس 14: 36)
لذلك بولس الحكيم جدا فهم بالوحي الإلهي هذه العلاقة حين قال : "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ." (2 كو 5: 21).
فقد تحمل المسيح :
1. الظلم، لأنه من فائق بره لم يكن يستحق الصلب لأنه مكتوب في سفر اشعياء : "لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ." (إش 53: 12)
2. المعايرة، لانه تم معايرته قبل وخلال الصلب. معايرة الفريسين له قبل الصلب، واللص اثناء الصلب ويقول الأباء انهم صلبوا لصين عن يمين السيد المسيح وشماله لمعايرته لانه مكتوب في العهد القديم : "لأَنَّ غَيْرَةَ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي، وَتَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ." (مز 69: 9)
3. الترك والوحدة، لأنه ترك من الجميع حتى بطرس الرسول انكره فقد تركه الجميع ليصلب حتى تلاميذه ولانه مكتوب في العهد القديم " شَعْبِي عَمِلَ شَرَّيْنِ: تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ، لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ أَبْآرًا، أَبْآرًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً" (إر 2: 13)
4. الرفض، لانه ببساطة رفض من الجميع لانه مكتوب في العهد القديم : "رفضوني أنا الحبيب مثل ميت مرذول ومساميرًا جعلوا في جسدي. " (مز 37: 22 )
5.العطش، "أنا عطشان" (يو19: 28)
لذلك وقبل ان يبدأ باتمام الخلاص علم تلاميذه انه جاء ليشهد للحق حيث قال لهم مثل ملكوت السموات والملك: " لأني جعت فأطعمتموني . عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي، فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعا فأطعمناك، أو عطشانا فسقيناك ومتى رأيناك غريبا فآويناك، أو عريانا فكسوناك ومتى رأيناك مريضا أو محبوسا فأتينا إليك. فيجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر ، فبي فعلتم"( متى 25)