















اهلا جرجي زيدان ويوسف زيدان
ثنائي تشويه وطعن تاريخنا، فالتاريخ لا يؤخذ من الروايات، ففي الروايات أكاذيب ومبالغات لجذب القراء.
بكل تأكيد أحترم آراء كل من يكتب في مجال التاريخ، ولكن واجب علي أن أرد في حال لو وجدت بأن هنالك مساراً متعمداً يسعى لتحريف وتشويه تاريخ الأمة، وبكل تأكيد لا أنكر بأن تاريخنا مليء بالأخطاء ولكن واجب علينا أن نكتب الخطأ بحجمه الصحيح ولا نكبره ولا نعممه، وكذلك لا نجعله الصفة التي يتم تعريف تاريخنا به.
واليوم أكتب عن إثنين وهما جرجي زيدان ويوسف زيدان، وكلاهما روائيان وجميعنا نعلم أن من أهم عناصر نجاح الرواية هو عنصر الجذب والتشويق، وللأسف كلاهما عندما قاما بكتابة روايات يعود زمن أحداثها إلى عصور التاريخ الإسلامي، وقاما بإدخال أحداث خيالية من عقولهم ووضعوها بين أحداث حقيقية حصلت، وهذا بهدف جعل الرواية أكثر نجاحاً حتى لو كان على حساب تاريخنا.
****** جرجي زيدان
اتسمت معظم رواياته التاريخية بدمج قصة رومانسية في أحداثٍ تاريخية، وكذلك إعتماد الإفتراء والتشويه، وكان الهدف من ذلك هو تشويق القراء وحثهم على قراءة رواياته، وقد كان تأثيره شديد، حيث إعتمدت المناهج التعليمية على رواياته، ويكفي أن نقول بأن أتاتورك أخذ معلوماته التاريخية من كتبه حينما كان أتاتورك يعمل كضابط عثماني في سوريا.
ومن الأمثلة على تشويهه وأخطائه
في روايته "فتاة غسان".. شوه سيرة النبي الكريم صل الله عليه وسلم ورجالات الصدر الأول.. ووصفهم بالبطش، والفتك والنهب..
وفي روايته "أرمانوسة المصرية" شوه حياة عمرو بن العاص.. وأظهر المسلمين سذجاً بسطاء أغبياء..
وفي روايته "عذراء قريش" .. شوه سيرة عثمان وعلي وعائشة.. رضي الله عنهم.
وفي روايته "فتح الأندلس" .. شوه سيرة طارق بن زياد وموسى بن نصير.
وفي روايته "شارل وعبد الرحمن".. شوه سيرة عبد الرحمن الغافقي.
وفي روايته "أبي مسلم الخراساني".. شوه سيرة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور.
وفي روايته "العباسة أخت الرشيد".. شوه سيرة هارون الرشيد.
وكذلك لاحظت أن جرجي زيدام يجعل الجزئية كلية، فيستدل بجزئية واحدة على الأمر الكلي.. وهذا حاصل في كل استنتاجاته ودعاواه، فيجعل الواقعة الجزئية قضية كلية وقاعدة عامة.
مثال ذلك.. أشار جرجي إلى نكتة ذكرها صاحب الأغاني لحسين بن الضحاك، فأنزلها منـزلة الأمور العمومية في ذلك العصر، فهذا ليس بتاريخ، بل مسخ التاريخ.
وقال جرجي "ومن ثمار الحضارة في ذلك العصر تكاثر الغلمان، وصاروا يحجبونهم كما يحجبون النساء" .. هذا ما رآه جرجي من ثمار الحضارة، ومن مميزات عصر النهضة الذهبي في تاريخنا !!.
****** يوسف زيدان.
كل هدف يوسف زيدان هو الحصول على جائزة نوبل، ويرى أن طريقه للحصول على هذه الجائزة هو بتشويه وطعن تاريخنا، وبأن يدعم أمريكا وإسرائيل ضد العرب والفلسطينيين، لدرجة أن إسرائيل قامت بشكره.
فمرة عرض يوسف زيدان أن نمنح جزء من المسجد الأقصى لليهود حيث قال : «ماذا يحدث لو خصّص المسلمون لليهود 200 متر مربع من باحة المسجد الأقصى لبناء معبد يهودي يُسمى هيكل سليمان أو المعبد الكبير أو أيّ اسم آخر؟!»
وإدعى في وقت آخر بأنّ المسجد الأقصى المذكور في القرآن ليس في فلسطين وإنما في الحجاز.
وليست فقط طعناته ضد المسجد الأقصى بل ضد تاريخنا أيضا فقد وصف صلاح الدين الأيوبي بأنه «من أحقر الشخصيات في التاريخ»، كل هذا لإرضاء الغرب ليمنحوه جائزة نوبل.
فقال أن صلاح الدين أحرق كتب مكتبة القصر الكبير، وكلنا نعلم أن كتب هذه المكتبة تم بيعها في أثناء الشدة المستنصرية، وقال أن صلاح الدين خان الخليفة الفاطمي العاضد عندما خلعه، وكلنا نعلم أن صلاح الدين رفض طلبات سيده نور الدين زنكي الملحة بخلع العاضد وفضل الانتظار إلى أن يموت العاضد، وقال إن صلاح الدين لم يحرر القدس وإنما أخذها صلحا، وكلنا نعلم أن صلاح الدين حرر القدس بعد أن حاصرها حصارا شديدا، ثم وافق أن يدخل القدس صلحا بدون إراقة الدماء، وغير ذلك من الأكاذيب الكثيرة عن صلاح الدين.
وكذلك قام يوسف زيدان بالدفاع عن الهندوس في الهند ضد المسلمين، واعتبر أن كل المسؤولية يتحملها السلطان محمود الغزنوي قبل 1000 عام، متجاهلا قرون من العصر الذهبي التي عاشته الهند بعد محمود الغزنوي، ومتجاهلا الاستعمار البريطاني الذي استعبد الهنود واشعل العصبيات الدينية فيها.
وفي النهاية:
اتمنى من الجميع أن يأخذ التاريخ من الكتب الموثقة، وليس من المسلسلات التاريخية أو الروايات فطبيعة المسلسل أو الرواية تقوم على إضافة أحداث للتشويق والجذب، وكذلك يجب أن نحذر من كتاب موالين للغرب فيكون أقل مهماتهم هو تشويه تاريخنا.
*****************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري
*****************