اهلا في الذكرى ال-74 لسقوط مثلث المرج : زرعين ،نورس والمزار :
كم من رواية تاريخية تختصر وكم من ذاكرة تُغْمَر
للمسافرين على الطريق التاريخي جنين بيسان ، والذي لم يبق منه الكثير ، محطة على اليسار حيث زرعين وقلعتها وآبارها وجميزها وعين مائها الصافي الذي التحم بالدفاع عنها جنود بيبرس قائد المماليك ضد المغول التتار ، مدمري بغداد ، فدافعوا في عين جالود عن مصير أمة وتاريخ بشرية (1261 للميلاد ) وحموا البشرية جمعاء من خطر أسود داهم جاء من الشرق كالجراد ولم يبق في طريقه أي عود أخضر نابت . في موقع زرعين مقبرة مهملة ومقاعد للمتنزهين وأشجار رمان وشجيرات صبر وشجرة جميز لم تنضج ثمارها بعد ، وقلعة اقطاع بقيت منها بعض الأطلال . وفي مركز الموقع ثلاث لافتات تحمل شرحا وخرائط ، لم تذكر في ثلاثتها أي كلمة عن بيبرس أو قطز أو المماليك أو معركة عين جالود ولا عن زرعين وأبنائها الذين احتلت قريتهم وتشتتوا أيدي سبأ في الثلاثين من أيار 1948 . تعتيم مطلق لصفحة تاريخ مضيئة في تاريخ المنطقة والبشرية . تعتيم لم يفلح نسيجه القاتم من اخفاء ومضات ضوء الفترة من طبقة الذاكرة المغمورة .
وبعد زرعين بقليل منعطف على اليمين يجري صعوداً فيمر في أطلال نورس وعينها التي أضحت بقدرة قادر " عين نوريت " وعلى قارعة الطريق مقبرة نورس التي يرقد فيها شيخ المزار وشهيدها فرحان السعدي . ومن ثم انعطاف نحو اليمين صعوداً الى جبل المزار حيث كانت قرية المزار التي أخذت اسمها من مقبرة شهداء معركة عين جالود حيث أضحت مزاراً للتبرك وإقامة الطقوس في الذكرى السنوية للمعركة الفاصلة . لقد سجل اسم جديد للجبل " تل جيبوريم " ويعني تل الأبطال . لا أعرف ان كان المقصود أبطال عين جالود ولكني واثق بأنهم أكثر الناس جدارة بهذا الاسم . وجبل المزار هو أكثر جبال فقوعة ارتفاعاً وهو يتطاول بزهو على مرج بن عامر ويناجي من بعيد جبال الناصرة والدحي والطور بسيمفونية لا يفقه رموزها الا من استنشق هواء القمم وذاق طعم تجليات السمو والرفعة .