اهلا حجارة البيت...
لحيفا مكانة خاصة في القلب كونها رواية وقصة شعب تعرض لاكبر واضخم عمل روائي في القرن العشرين ، وما زالت فصول رواية قصته مستمرة بشكل يومي وكأنها معلنة رفض نهاية فصولها ...
وكأنها رواية بداية بلا نهاية ...
فما دام على هذه الارض الطاهرة حياة ، فهنالك على هذه الارض ما يستحق العيش.
فحيفا بشوارعها واحيائها وبناياتها العتيقة ومساجدها وكنائسها واشجارها القديمة ورائحتها المميزة واصوات امواج وهدير بحرها ترفض ذاكرة النسيان.
قبل سنوات قليلة تواجدت قي مدينة حيفا لامرٍ ما وخلال سيري في احد شوارعها متوجهاً لاحد المكاتب الحكومية . شاهدت احد البيوت العربية العتيقة القديمة محاطاً بسورٍ من كل جهاته وعليه لافتة بالعبرية مكتوب عليها " ممتلكات حكومية " .
فجلب نظري واحساسي الفطري الممزوج بحب الارض والوطن الحزين.
كانت حجارته والوانها ، والاعشاب التي تنمو على سطح البيت وبين فتحات جدرانه ، والاشجار المتواجدة في ساحته ، تروي قصة شعب الجبارين.
وقفت امام البيت متأملا فيه كعابدا ينتظر صلاته ، وحلق خيالي في مصير اهل هذا البيت ، واين حلت بهم الايام والاقدار .
وفي لحظة غفوةٍ مني ، قررت اخذ حجراً من سور البيت ليبقى ذكرى عندي فحجارته مميزة.
وعندما هممت بالسير ، دعمت عيناي ، وشعرت باختناقٍ شديدٍ وبيدي ترتجفان.
فقال لي صديقي :
ماذا جرى لك ؟
هل تشعر بشئ ؟
فلم استطع الاجابة ولكنني اعدت الحجارة مكانها وقلت له لنكمل مشوارنا وعندما ابتعدنا عن البيت حتى توارى عن الانظار .
قلت لصديقي :
اتدري ما حدث معي ؟
لقد شعرت وكأني اسرق امانة صاحب البيت ، والذي اجبر على الرحيل ولا ندري اين حل به الترحال ؟
وقي اي بلدٍ هو الآن ؟
وهل ما زال مفتاح بيته معه يحلم بالعودة اليه ...
وللرواية صفحات لم تقرأ بعد ...
بقلم : محمود شرفي