اهلا

غدا هو يومك!
يوم خليل الدبس المناضل الذي انطلق في سن الثانية عشرة من أجل فلسطين.
يوم خليل الطالب الذي قاد، لسنوات، التظاهرات والاضرابات في مدرسة الليسيه الفرنسية من أجل فلسطين والجزائر وكل الشعوب العربية المناضلة من أجل التحرر من نير الاستعمار.
عرفتك شوارع بيروت كلها في التظاهرات التي قادها الحزب الشيوعي اللبناني منذ أن أصبحت أحد أعمدته، وأنت لا تزال في سن الخامسة عشرة.
لم تهب يوما الاعتقال، وأنت الذي دخلت السجن لعدة مرات، لأنك آمنت بضرورة تغيير هذا النظام الرأسمالي العفن الذي قاد شعب لبنان إلى الهاوية، وفرّط بسيادتنا كرمى لعيون أوصياء دوليين وإقليميين، وأولهم الولايات المتحدة الأميركية التي واجهت قواتها البحرية بالسلاح يوم هربت من البيت لتلتحق بجبل كمال جنبلاط. وتابعت مسيرة المقاومة حتى يوم رحيلك، فساهمت في تأسيس المقاومة ضد الاحتلال بعد العام 1978، ومن ثم كانت "جمول"... قاتلت أيضا بالكلمة، فحوّلت إعلام الحزب إلى منبر لكل المناضلين في لبنان والعالم العربي، إلى منبر لقضايا الانسان والحرية والديمقراطية؛ كما كنت دوما، إن في كتاباتك أم في مداخلاتك في المؤتمرات الداخلية والدولية، تدعو لتطوير الفكر والمعرفة. حتى أنك عرفت بالرفيق الذي لا يهدي إلا الكتب، بما في ذلك، بل خاصة، للصغار...
غداة ذكرى رحيلك المبكر، في التاسع من شباط 1993، صدر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني بيان تحدّث عن دورك، أسمح لنفسي أن اقتطع منه غيضا من فيض كي يتعرّف الشيوعيون وكل المقاومين والمناضلين على نموذج فريد جمع كل الميزات في شخصه:
"انتسب الرفيق خليل إلى صفوف الحزب وهو ما يزال بعد تلميذاً في مدرسة الليسيه، عام 1951. وأمضى في صفوف الحزب مناضلاً طيلة أربعين عاماً كانت حافلة وغنية بألوان التضحية والعطاء والمبادرة. فلقد تكشفت مواهبه القيادية مبكراً يغذيها رصيد متعاظم من المعرفة وحب جارف لتعزيزها باستمرار. ومبكراً تقدم خليل الصفوف الأولى على كافة المستويات وتبلورت مواهبه القيادية الفذّة التي خولته أن يصبح أحد أبرز قادة الموقف والرأي والتجديد في الحزب على تصميم وحزم ومبادرة وسعة اطلاع، واستمر كذلك حتى لحظاته الأخيرة.
إن الرفيق خليل هو أحد أبرز الشخصيات الفكرية والإعلامية والسياسية والتنظيمية في تاريخ حزبنا الحديث. وممن تركوا أوضح البصمات على هذا التاريخ بكل ما حفل به من العطاءات والإنجازات ذات الطابع الوطني والقومي وليس الحزبي فقط.
عمل خليل بصمت واختار مسؤولية أعقد المهمات، وطبعت شخصيته الفذّة نشاط الحزب على مختلف الصعد، وكان دائماً في كل نشاطه وسلوكه وأدائه صاحب مميزات فريدة ستبقى معالم هادية في النضال المتفاني المثابر والصادق والشريف.
خاض خليل المعارك الكبرى تحضيراً للمؤتمر الثاني التاريخي وقدم إسهاماً جوهرياً في التحولات الجذرية التي عاشها الحزب تباعاً منذ ذلك المؤتمر، وخصوصاً في المسائل الفكرية والإعلامية والتنظيمية ولجهة تحديد وصياغة برنامج الحزب في المجال القومي وفي المجال الداخلي وكذلك في مجال العلاقات الأممية.
تميز خليل بحب للمعرفة والثقافة والإطلاع غير محدود، وفرَّ له في كنف البيئة الثقافية التي عاش فيها، معرفة طليعية ذات طابع موسوعي مدهش. وقد وضع خليل ذلك في خدمة الحزب وفي خدمة تطوير المعرفة في الحزب. وخصوصاً في تطوير صحافة الحزب ووسائل إعلامه التي قاد العمل فيها لفترات طويلة رغم كل اهتماماته ومشاغله القيادية الأخرى. وسيبقى الرفيق خليل واحداً من أبرز الذين عملوا في حقل الإعلام الحزبي والوطني عموماً."(...)