اهلا- بقلم نبيل عودة نموذج مشرف من تاريخ العلاقات المسيحية الاسلامية في الوطن العربي
البطريرك غريغوريوس الرابع .. الذي بكاه المسلمون قبل المسيحيون.
* رفع البطريرك الرغيف وسأله؛ هل كُتب عليه للمسيحيين فقط؟ فأجابه : لا. فقال: عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل من يريد"*
بقلم وئام وهاب
في الحرب العالمية الأولى 1914-1918 وقعت مجاعة سفربرلك ففتحت البطريركية الأرثوذكسية بدمشق أبوابها لإطعام الجياع بغض النظر عن الدين والمذهب وحتى منهم الوافدون من بيروت
ورهن البطريرك غريغوريوس حداد أوقاف البطريركية والأديرة كلها للاستدانة وباع مقتنيات وأواني الكنائس الذهبية والفضية التي تحكي تراث البطريركية الروحي
حتى أن البطريرك التالي الكسندروس طحان باع كل هذه الأوقاف ليفي الديون وفوائدها الفاحشة وبذا خسرت البطريركية الأرثوذكسية كل ممتلكاتها ولكنها ضربت أروع مثل في الأخوة.
وكان البطريرك غريغوريوس حداد من محافظة لبنان السورية قد رهن كل أملاك البطريركية واشترى القمح بأسعار غالية ليُنقذ ما يستطيع من البشر من الموت وكان كل من يمر على كنيسة المريمية يأخذ رغيفاً في اليوم يحميه من الموت.
وفي أحد الأيام اشتكى الخوري الذي يوزع الأرغفة من كثرة عدد المسلمين في ذلك اليوم. فرفع البطريرك الرغيف وسأله؛ هل كُتب عليه للمسيحيين فقط؟
فأجابه: لا
فَقَال: عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل من يريد.
وتدريجياً لم يبقى شئ من أملاك البطريركية لم يتم رهنه.
سأل متسوّل البطريرك يوماً حسنة فقال له أحد الإكليريكيين المرافقين له: ما طائفتك؟ فإنتهره البطريرك قائلاً: هل تمنع عنه الصدقة إذا كان من طائفة غير طائفتك؟
ألا يكفيه ذُلاً أنه مدّ يده ليستعطي لتُذِلَّه بسؤالك عن عقيدته؟! ولما قال هذا أخرج نقوداً من جيبه وأعطاه فانصرف مسروراً مجب الخاطر.
رثاه الشيخ مصطفى الغلايني بقوله: نعيتُ إلى أمي العجوز نبأً مفاده: لقد أصاب العرب مصاب عظيم أليم ... فأجابتني: هل مات غريغوريوس؟
كانت وفاته في 12 كانون الأول 1928 فنقل جثمانه بموكب نادر المثال من بلدة سوق الغرب إلى بيروت حيث عُرض للتبرك في الكاتدرائية. ثم نقل إلى دمشق على عربة مدفع.
لدى دخوله من أول شارع بيروت في الربوة انضم إلى موكبه المهيب خمسون ألفاً من المسلمين عدا عن سائر الفعاليات الدينية والاجتماعية الدمشقية
ومع الدموع والتنهدات وصل الجثمان إلى الكاتدرائية المريمية حيث سجي للتبرك ثم دفن في احتفال عز نظيره في مدفن البطاركة في حرم الكاتدرائية المريمية.
رحم الله كل من لم يفرق بين الناس لا مذهبياً ولا دينياً ولا عرقياً. هذا هو الدين الحقيقي الذي أمرنا المولى عز وجل أن نتبعه.