اهلا- روائع الادب العالمي-مترجم

في يوم من الأيام، ذهب رجل إلى الغابة لقطع الحطب. مشی طويلا معايناً الأشجار الواحدة تلو الأخرى. فرأى أنها في وضع جيد وستكون ممتازة لاستخدامها في البناء إن تركت تنمو.
أخيراً، وجد شجرة مناسبة إذ كانت ملتوية وذابلة فبدأ بقطعها. ثم فجأة سمع أحدهم يقول له: «ساعدني أيها الصديق الطيب وحررني !».
نظر حوله ليرى من يكون هذا الشخص. فرأى أفعى سامة مثبتة بإحكام في شق الشجرة ولا تستطيع أن تحرر نفسها.
قال لها الرجل: «کلا لن أساعدك لأنك بالتأكيد ستلدغينني».
أجابته الأفعى أنها لن تؤذيه إن هو أطلق سراحها. وهكذا أدخل الرجل فأسه بعناية في الشق الكامن ما دون الأفعى لكي تستطيع أن تخرج منه. ولكن ما إن خرجت حتى ا التفت على نفسها، وأظهرت أنيابها السامة وهددت بلسعه.
_قال لها الرجل: «ألم أقل لك إنك كائن شرير وستكافئين الخير بالشر!»،
_أجابته الأفعی: «حسنا، من الجيد لك أن تتكلم ولكن هذه ليست الطريقة التي يسير بها العالم، بل إن الأفعال الصالحة تكافأ بالشر؟»
أجابها الرجل: «أنا لا أؤمن بذلك لأن الأفعال الصالحة تحصد جائزتها الخاصة )).
قالت له الأفعی: «أنت مخطئ. أنا أعلم أكثر منك عما يحدث في العالم».
تحمس الرجل واقترح عليها: «ما رأيك لو نسأل شخص آخر».
أجابته قائلة: «حسنا».
وبما أنها رفضت المغادرة من دونه، اضطر الرجل أن يرافقها عبر الغابة حتى قابلا حصاناً عجوزاً متهالكاً يرعى في مرج.
كان الحصان يعرج ويعاني من ألم في ظهره بسبب السرج الثقيل. كما يعاني من عمى في إحدى عينيه وبالكاد بقيت له أسنان في فمه.
حينها سألا الحصان ما إذا كانت الأعمال الصالحة تكافأ في هذا العالم أم لا.
_أجابهم الحصان: «إنها تكافأ بالفعل بشكل سيء
. لقد خدمت سيدي بأمان لمدة عشرين عاماً ،حملته على ظهري وجررت عربته وراقبت كل خطوة أقوم بها لكي لا أتعثر وأسبب له الأذى. إذا طالما كنت يافعاً وقوياً، استمتعت بوقتي، وحصلت على أحسن الغذاء والعناية ونمت في إصطبل مريح على قش نظيف. ولكن بما أنني كبرت في السن وأصبحت ضعيفاً، أعمل الآن في طاحونة وأترك في الخارج ليل نهار مهما كانت أحوال الطقس ولا أحصل على أي طعام ما أجده بنفسي. کلا الأعمال الصالحة لا تكافأ».
_حينها قالت الأفعی: «ألم أقل لك. والآن سألسعك».
_أجابها الرجل: «کلا، انتظري لحظة أخرى! ها هو الثعلب العجوز، فلنسأله رأيه في الموضوع».
أتى الثعلب مهرولاً، توقف ونظر إليهما ورأى بوضوح أن الرجل كان في وضع سيء. حينها
سألته الأفعی ما إذا كان يعتقد أن الأعمال الصالحة تكافأ بالسوء أو إذا كان يظن أنها أحيانا تكافأ جيداً.
_همس الرجل وقال له: «قل نعم وسأعطيك إوزتين ضخمتين».
لم تسمع الأفعی ما قاله الرجل ولكن الثعلب سمع وأجاب قائلا: « الأعمال الجيدة تكافأ جيداً».
وفي الوقت نفسه، انقض على الأفعي وعضها في رقبتها فسقطت أرضا. ولكن قبل أن تموت قالت: «كلا، الأعمال الجيدة تكافأ بالسوء. لدي إثبات على ذلك، فلقعد عفوت للتو عن حياة الرجل وفي المقابل خسرت حياتي». والآن ماتت الأفعى وأعتق الرجل.
_أجابه الثعلب: «کلا، شكرا لك. فأنا لست ذاهبا إلى القرية لأنك ستفلت کلابك علي».
_رد عليه الرجل: «حسنا، انتظر هنا حتى آتي بهما إليك!»،
أسرع الرجل إلى المنزل وقال لزوجته على عجالة: «أسرعي يا امرأة وضعي إوزتين في كيس. لقد وعدت بإعطائهما إلى الثعلب ليتناولهما على الفطور».
_أخذت المرأة كيسا ولكن لم تضع فيه الأوزتين بل كلبين شرسين صغيرين.
أسرع الرجل إلى الثعلب حاملا الكيس وقال له: «هذه هي الجائزة التي وعدتك بها».
أجابه الثعلب: «شكرا لك. يبدو أنني تكلمت الحقيقة حين قلت إن الأعمال الجيدة تكافأ جيدا».
وهكذا هرع الثعلب إلى عرينه حاملا الكيس على ظهره. وفيما كان يهم بالجلوس ويحاول فتح الكيس بأسنانه الحادة محضر نفسه للتمتع بوجبته،
لاحظ شيئا: «يبدو أن الإوزتين ثقيلتين». وفي تلك اللحظة خرج من الكيس الكلبين وانقضا على حنجرته. لم يستطع أن يتخلص منهما فخنقاه حتى الموت.
وقبل أن يموت حصل على الوقت الكافي ليقول: «كانت كذبة، بعد كل شيء، لأن الأعمال الصالحة لا تكافأ إلا بالشر».
.
قصة مكافاة الفضيلة / من الادب الدانماركي الشعبي