اهلا - مشاهير من بلدي
علّموك أن تحذر الفرح,لأن خيانته قاسية,من أين يأتيك فجأة!
تغزوك الأيام بذكرياتٍ لا تشبهك,كنت خارجاً للتو من الخامس عشر من أيار/مايو,وكنت عاجزاً عن الالتصاق بالأشياء التي ابتعدت عن مسام جلدك,وقد مات جدُّك الذي أوصاك بمراقبة الرابية المطلة على مصادر موته,أخوك يحب الخطابة,فوقف على الأطلال ووعد الجنازة القادمة انها ستكون أكثر حظاً من الاولى.لم تبلغ الثلاثين,ولكن محاذاة الموت تعطيك الحكمة,ومن الحكمة الا تبدو عاطفيا في حضرة الآخرين.
تنتهي مدة الحزن المحددة في تصريح سفر,تنسل من الجنازة الثانية, وتعد أهلك بالعودة لزيارتهم في جنازة قادمة,فهذه هي المناسبة الوحيدة للحصول على اذن بالحركة,ما أشد العلاقة بين الموت والحركة,وكنت خارجا للتو من ذكرى الخامس عشر من أيار/مايو,كنت مسرعاً الى البيت لا لتسبق الشمس الغاربة,وإنما لتهرب من الأضواء المتفجرة من الشوارع في عيد مصرعك التاسع عشر.
ماذا قالوا لك في المرة الاخيرة؟
خياليون..خياليون أيها العرب.
وفي كل ليلة من كل عام,في مثل هذا اليوم يتحدد انتحارك الذي لا يشعر به أحد..الانتحار غالبا ما يكون تظاهرة,ولكن انتحارك سر,يهبط عليك يوم,يثقب جلدك وينتشر في عظمك,رويدا رويدا كزلزال صغير لا ينتهي,لا يكبر ولا تنفجر.
الانفجار هذا ما يشغل بالك,تنتظر هذه النهاية منذ عشرين سنة,ولا تأتي,لأن حالتك لا تفهم ولا تصل,ما أسهل أن تكتب قصيدة تجهض الانفجار ,وما أسهل أن تحاور خصمك لتثبت ماذا؟أن لك حقاً؟
وماذا قالوا لك في المرة الأخيرة؟
خياليون...خياليون أيها العرب.
ولو أعطوك كل شيء,فماذا انت فاعل,هل ترضى؟هل تكف عن البحث عن نقطة انفجار؟وهل تأمن الفرح؟إن من سلبك كل شيء لن يعطيك أي شيء,ولو اعطاك أهانك."كن عاقلا واذهب الى الطين"هكذا قلت لنفسك,ولم ترد على سؤالي : لو أعطوك كل شيء فهل تأمن الفرح؟وتلتفت الى أيامك وتصنف أجمل الشعارات التي حملتها وسرت بها الى السجون:
تصريح سفر..
حرية تعبير..
مساواة..
وفجأة تضحك,تضحكك المساواة,وأنت تناضل لكي لا تأتمن الفرح..ولقد علمتك الأيام أن تحذر الفرح,لأن خيانته قاسية,فمن أين يأتيك فجأة؟