اهلا :: بقلم المؤرخ صبري جريس محاولة اغتيال نتنياهو بداية مرحلة صراع جديدة هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع اهلا هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في اهلا .
في يوم ساخن من أيام المواجهة والصراع بين إسرائيل وحزب الله، أطلق الحزب خلاله نحو 150 صاروخا، من بينها أصناف تستعمل لأول مرة، على مواقع عسكرية مختلفة في كافة إنحاء القسم الشمالي من إسرائيل، قام الحزب أيضا بإطلاق مسيرة، من فصيلة المسيرات "الشبحية"، التي يصعب اكتشافها، على مستوطنة قيساريه، الواقعة على شاطئ البحر جنوب حيفا، وفيها بيت تملكه عائلة نتنياهو. وقد تفجرت المسيرة في البيت وأحدثت إضرارا فيه، فيما بدا على نتنياهو نوع من الهلع، فراح يتهم ... إيران بمحاولة اغتياله، بينما كان حزب الله هو الذي أطلق المسيرة. ولم يكن نتنياهو ولا زوجته في المنزل عند هجوم المسيرة فنجوا من الموت.
هذه الحادثة "الصغيرة"، بحد ذاتها، تنذر ببداية مرحلة جديدة من الصراع بين إسرائيل ومعارضيها او معارضي وجودها. والحقيقة أن بداية هذه المرحة، الهادفة إلى الاقتصاص من إسرائيل ومسؤوليها، وهم كثيرون، بل وكثيرون جدا، بمثل ما اقترفت أيديهم من جرائم بحق الآخرين قد تأخرت كثيرا. إلا انه ليست هناك أية غرابة في تدشينها. وقاعدة هذا "العهد الجديد" ومبرراته واضحة للغاية: إذا كانت إسرائيل لا تتورع عن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مثلا، وذلك دون لن نتحدث عن اغتيال العديد من قيادات الحزب، فلماذا لا تتم، بالمقابل، محاولة لاغتيال نتنياهو رئيس حكومتها؟ بل لماذا لا يتم أيضا اغتيال الرئيس الأميركي؟ وكان الأهبل ترامب قد أمر، في حينه، باغتيال قاسم سليماني ورفيقة، فلماذا لا تجري محاولة لاغتياله؟ فليس هناك مستعمر او صهيوني "على رأسه ريشة" (وحتى ألان كُشفت محاولتان لاغتيال ترامب).
مشكلة إسرائيل مع حزب الله (وإيران) "أصلية"، عميقة، شاملة ومتجذرة. هؤلاء لم يقعوا، كما وقع الكثيرون غيرهم (ونحن من بينهم) في سراب عقد اتفاقيات السلام مع الاسرائيل، او والعياذ بالله الاعتراف بها وإقامة علاقات معها، على اعتبار أنها يمكن أن تصبح كيانا طبيعيا. أنهم يعتبرون إسرائيل كيان معتد وغاصب، لا طريقة للتعامل معه إلا تفكيكه. ومما أوضحه مرة نصرا لله يبدو أن الحل للوجود الصهيوني في فلسطين يكون بإعادة كافة اليهود المهاجرين إليها إلى البلدان التي جاء أجدادهم منها.
ومشكلة ثانية لإسرائيل مع حزب الله (وإيران) تكمن في أسس السياسة الإيرانية تجاه الشرق الأوسط بأسره، وهي أن هذه المنطقة يجب أن تحكم من قبل شعوبها وأهلها، بالتوافق قيما بينهم. ولذلك لا بد من تصفية النفوذ الاستعماري الغربي في المنطقة، وإسرائيل والأنظمة العربية المطبعة ليست إلا جزءا منه، ولذلك ينبغي أن يكون مصيرها الزوال مثله.
ومشكلة ثالثة لإسرائيل مع حزب الله هي أن الحزب نشيط وذكي، يتعلم الدروس بسرعة ويطبقها بنجاعة. فليس هناك، مثلا، مجال للمقارنة بين أداء الحزب سنة 2006، خلال الحرب التي نشبت يومها، وذلك الذي بان خلال الحرب الأخيرة، منذ حدوث "الطوفان". وتبرز في هذا المجال، بشكل خاص، المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي يملكها الحزب عن إسرائيل وما فيها من مؤسسات عسكرية او مدنية. فقد لوحظ خلال سنة الحرب الأخيرة انه ما أن يقوم الحزب بقصف موقع ما في إسرائيل، وحتى ألان قام بذلك مرات ومرات، إلا وأعلن في بياناته عن طبيعة ذلك الموقع وأسباب قصفه. والمتابع لتلك البيانات يكاد يشعر وكأن حزب الله يعرف ما يوحد في أي حارة او شارع في إسرائيل، أيا كانوا.
هذه الخصائص التي يتميز بها حزب الله، على القدرات التي يتمتع بها، ستتطور على الأرجح إلى حرب شاملة ومؤذية بينه وبين إسرائيل، وان تم ذلك بسبب الفجور الصهيوني فقط. لقد صعد بول إسرائيل إلى رأسها (وهذا تعبير يستعمله الإسرائيليون لوصف تصرفات من فقد عقله)، فراحت تعيث في المنطقة خرابا ودمارا وقتلا واغتيالات، بل وصلت في غرورها إلى قاعة مفادها أن هذا من "حقها" ولا يمكن لأحد أن يردها. ولذلك ليس من المستبعد أن تتصاعد المواجهة بين الطرفين، بحيث يلجأ حزب الله إلى استعمال الصواريخ الباليستية الدقيقة، التي بحوزته، لمطاردة مجرمي إسرائيل في بيوتهم ومكاتبهم ومقراتهم، تماما كما تفعل إسرائيل مع معارضيها.
وحتى ألان حدث شيء من هذا القبيل فعلا، وان على نطاق ضيق. فعندما ازداد القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت أوضح حزب الله أن حيفا هي مقابل الضاحية. وبالفعل، تصاعد القصف الصاروخي على حيفا وجوارها. ومن ذلك الوقت :تحظى" المنطقة بـ"وجبات" شبه يومية من القصف الصاروخي. وحدث الشيء نفسه بالنسبة لبيروت، اذ بعد أن راحت إسرائيل تقصف أماكن فيها أوضح حزب الله انه في المقابل ستقصف تل ابيب. ولتعزيز إنذاره أطلق بعض الصواريخ بعيدة المدى عل غليلوت في ضواحي تل ابيب، حيث يوجد أيضا المقر الرئيسي للموساد. وتوقف على الأثر قصف بيروت.
وقديما قال المثل: "لا يرد الرطل إلا رطل وأوقية".
ومن جهتنا، ونعتقد انه من جهة كل عاقل، يجب أن لا يوجه أي لوم إلى حزب الله وصحبه، بل إلى إسرائيل بالذات. لقد عرضت على هذا الكيان مشاريع سلام مختلفة، وآخرها مشروع السلام العربي، القائم منذ اكثر من عشرين سنة. ولكن الكيان رفض تلك المشاريع ووضع بيضاته في سلة المطبعين المتعاونين العرب، من أمثال عبدالله الأردني والسيسي المصري وعباس الفلسطيني، ولا تنسوا محمد بن زايد / ناقص، بتاع الإمارات – ولا يبدو أن ذلك سيجديه نفعا.
في ورطة إسرائيل مع حزب الله وإيران يصح قول المثل: "اجاك يا بلوط مين يعرفك".
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: ahlanweb@gmail.com