اهلا الرفيق كمال حاج، سنديانة البقيعة، الطيب الكادح والمخلص لكل الناس
فاتن غطاس
رفيقي الغالي، كمال حاج أبو مشيل، سنديانة البقيعة وابنها البار، الانسان الطيب والكادح المحب والمخلص لكل الناس، كل من عرفك احبك لدماثة خلقك وتواضعك ومحبتك للجميع.
عرفت درب الشيوعية وانت في ريعان الشباب، في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، وكنت عضوا في الشبيبة الشيوعية، وصلت هذا الطريق لأنك وجدت فيه المدافع عن الناس وحامل همهم، وسرعان ما وجدت نفسك تحمل حمل كبير في هذا البلد الوادع وتقارع من غررت بهم السلطة في هذا البلد الطيب، وتقود هذا الفرع وتعيد بناءه بعد ان اعتقد البعض ان باستطاعتهم القضاء على جذوة الشيوعيين بحرق بيوتهم.
كنت الحارس الأمين الصلب والمتواضع، لم يثنيك التهديد رغم القلة وشظف العيش، فكان بيتك ناديا للحزب ولخدمة الناس، كان بالنسبة لي ملعب الصبا، بحكم العلاقة الوثيقة التي ربطتك بوالدي الراحل كمال غطاس، كان مليئا بالدفء والمحبة والعطاء، واجهت مع رفاقك الحكم العسكري البغيض الذي حاول كسر شوكة شعبنا الفلسطيني الباقي والمتشبث في وطنه ودافعتم عن المأوى والعلم والعمل لكل شعبنا.
نعم، انت من الجيل الذي رسم صورتنا اليوم، من الجيل الذي اكد وما زال: اننا جزء حي وواع من شعبنا الفلسطيني، هذا الشعب الذي كان خارجا من النكبة في حينه وللأسف نحن نودعك، في ذكرى النكسة في حرب حزيران، وفي وقت الذي يمر فيه شعبنا بنكبة جديدة، تحاول محو وجوده وقضيته من الوجود، 244 يوم من حرب الإبادة على شعبنا في غزة العزة، لكن هيهات. نعم رفيقي حينما سطرتم معركة البقاء في الوطن قبل ثلاثة ارباع القرن، كنتم قد رسمتم لشعبنا كله في جميع أماكن تواجده طريق الصمود والبقاء، وها هم أهلنا في غزة الذين يواجهون الة الدمار بصدورهم العارية يسطرون ملحمة البقاء في العقد الثاني من هذا القرن متحدين الة البطش واسلحة الدمار المخيفة الامريكية بأيدي الصهيونية ومؤازرة الرجعية العربية، لكن شعبنا الفلسطيني ينهض كالمارد من تحت الرماد، رغم دم الأطفال والنساء المسفوك، ليعيد قضيته الى الصدارة في مواجهة ما كان يسمى مرة بالخطأ "العالم الحر". حيث يؤكد ان هذه الخسائر البشرية الرهيبة لن تذهب سدى، وحتما هي... هي من ستعبد الطريق الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وسيرحل مدنسو الأقصى والقيامة لترتفع الاعلام الفلسطينية على اسوار القدس.
ترحل عنا يا رفيقي ونحن احوج ما نكون لأمثالك في توحيد شعبنا الذي يواجه الملاحقات العنصرية بالتخويف والترهيب لبناتنا وشبابنا، تعتقلهم وتهددهم بلقمة العيش، لكن هؤلاء الساسة الجبناء نسوا انكم كسرتم هذا الطوق من زمان وتحديتم الخوف بصدوركم العارية وفي أحلك الظروف.
كنت يا رفيقي المزارع المزروع في الأرض، تحمل الكلمة الصحيحة، فحملت جريدة الشعب الاتحاد لعقود طويلة، سقيت بها الناس، معرفة وعلما وبوصلة سياسية صادقة وأمينة، فجاء ناسك واهلك ليودعوك، حاملين منك وعنك أجمل الذكريات، مؤكدين ان دربك هو طريق الناس لتحقيق العدالة الاجتماعية.
نم قرير العين يا رفيقي، امثالك يكتب تاريخهم بماء الذهب وتحفر ذكراهم عميقا في صخر جليلنا الأشم.
بالأصالة عن نفسي وباسم رفاق الحزب الشيوعي في البلاد والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة نتقدم باحر التعازي الى رفيقة الدرب وحاملة الهم ام مشيل التي كانت نعم الرفيقة والزوجة والام، الى مشيل والاخوات جهينة، نجاة، سلوى وسميرة والانسباء والاحفاد بهذا الفقدان الكبير، والى أهلنا في البقيعة هذه القرية الوادعة التي أحبها أبو مشيل وأعطاها كل حياته، وها هي اليوم تحتضنه في ثراها الطيب.
ولكم جميعا طول العمر
نودعك رفيقي الغالي ونهتف مع شاعرنا
جيل يمضي وهو يهز الجيل القادم ... قاومت فقاوم
*كلمة الكاتب باسم الحزب والجبهة في تأبين رفيقنا الراحل - البقيعة – 6.6.2024