
















اهلا- الاتحاد تتجه إسرائيل لانتخابات برلمانية خامسة، تجري في غضون ثلاث سنوات ونصف السنة، وهذا هو اثبات آخر على أزمة الحكم الإسرائيلي، النابعة من اصطدام إسرائيل أكثر بواقعها الذي ترفض الاعتراف به، وهو استمرار سياسة الاحتلال والاستيطان، وسطوة المستوطنين وتيارهم الديني المتشدد على مفاتيح هامة في الحكم وأحزابه، ومن جهة أخرى تفشي الفساد، وسيطرة حيتان المال على السياسيين ودوائر القرار، من خلف الكواليس.
وهذه حقيقة تؤكدها أسباب كل واحدة من ظروف وأسباب عدم النجاح في تشكيل حكومة، أو عدم تشكيل حكومة ثابتة ذات قاعدة سياسية واضحة. فهذا ما حصل في حكومة نتنياهو غانتس، وهذا أيضا ما حصل في حكومة بينيت لبيد، التي فيها تعرّت أحزاب كانت تنسب لنفسها مواقف سياسية واجتماعية، فرضخت فورا لسياسات اليمين الاستيطاني العنصري المتطرف، ومعها السياسات الاقتصادية الصقرية.
وكان المصير معروفا لشراكة قائمة عربية أخرجت نفسها من الصف الوطني طوعا، راكضة وراء سراب وأوهام تحقيق شيء من أول حكومة إسرائيلية منذ العام 1993، تعلن جهارة وتنفذ، رفضها لإجراء أي مفاوضات مع القيادة الفلسطينية في سعي للحل السياسي، فقد سبقتها حكومات راوغت، وأفشلت مسارات تقدم، أما هذه الحكومة فأعلنت رفضها بشكل واضح، دون اعتراض أي طرف فيها.
فهذه الشراكة لم تحقق شيئا يذكر للمجتمع العربي، رغم ما دفعته كتلة القائمة الموحدة من أثمان سياسية مخزية، وسكوت على جرائم الاحتلال، فكل ما جرى الحديث عنه هو فتات، أمام مليارات مزعومة، وحتى هذا الفتات سيتلاشى كما علّمت التجربة على مدى السنين.
تشير كل استطلاعات الرأي، حتى الآن، إلى أنه حتى في الانتخابات الخامسة فإن إسرائيل متجهة الى دوامة سياسية أخرى؛ وأحد أبرز عناصر الأزمة واستمرارها، هو وزن الجماهير العربية في الحلبة البرلمانية، رغم ما جرى في الانتخابات الأخيرة، وفي الدورة البرلمانية المنتهية. ومصلحة جماهيرنا العربية أيضا، هو أن تتعمق هذه الأزمة، ما قد يساهم في جر الحكم الإسرائيلي نحو اتجاه آخر، خارج دوائر عصابات المستوطنين المسيطرة.
إن القاء الجماهير العربية بوزن أكبر في الانتخابات، من شأنه أن يزيد من وزنها السياسي الضاغط أيضا من أجل قضاياها القومية والمدنية، المترابطة بالتأكيد، ولا يمكن فصلها عن بعضها، لأن سياسات الاحتلال والتمييز العنصري تنطلق من عقلية واحدة، ولا يمكن انهاء سياسات التمييز من دون انهاء العقلية الحربية. وما يؤكد هذا، هو تعامل الإذلال الذي واجهته الموحدة ولم تعترض عليه، بل زاد نوابها من تذللهم أكثر دون مردود يذكر.
إن كتلة القائمة المشتركة، التي في صلبها الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، اثبتت تمسكها بالقواعد والثوابت السياسية والوطنية، وفي نفس الوقت مارست اللعبة البرلمانية بما يخدم قضايانا، دون دفع أثمان سياسية.
إن الشراكة السياسية على أسس واضحة من جميع جوانبها، مرتبطة بالواقع الميداني، هي أيضا مصلحة جماهيرنا العربية والقوى التقدمية الحقيقية في الشارع اليهودي.